٣٩٧
" وأرجلكم " بكسر اللام وقرأ الباقون بالنصب فمن قرأ بالنصب فإنه جعله مفعولا نصبا لوقوع الفعل عليه وهو الغسل يعني واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين ومن قرأ بالكسر جعله كسرا لدخول حرف الخفض عليه وهو الباء فكأنه قال وامسحوا برؤوسكم وبأرجلكم يعني إذا كان عليه خفان وقد ثبت ذلك بالسنة ويقال صار كسرا بالمجاورة كما قال في آية أخرى " وحور عين " الواقعة ٢٢ قرأ بعضهم بالكسر بالمجاورة فهذه الأربعة التي ذكرت في الآية من فرائض الوضوء وما سوى ذلك آداب وسنن فإن قيل الآية إذا قرئت بقراءتين فالله تعالى قال بهما جميعا أو بإحداهما قيل له هذا على وجهين إن كان لكل قراءة معنى غير المعنى الآخر فالله تعالى قال بهما جميعا وصارت القراءتان بمنزلة الآيتين وإن كانت القراءتان معناهما واحد فالله تعالى قال بأحداهما ولكنه رخص بأن يقرأ بالقراءتين جميعا
ثم قال تعالى " وإن كنتم جنبا فاطهروا " قال القتبي قد يوصف الجمع بصفة الواحد كقوله " وإن كنتم جنبا " وكقوله " والملائكة بعد ذلك ظهير " التحريم ٤ قوله " فاطهروا " معناه فتطهروا إلا أن التاء أدغمت في الطاء لأنهما من مكان واحد فإذا أدغمت فيها سكن أول الكلمة وزيدت ألف الوصل للابتداء
ثم قال تعالى " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائظ أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " يعني من الصعيد وقد ذكرناه
ثم قال " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج " يقول لا يكلفكم في دينكم من ضيق " ولكن يريد ليطهركم " يعني يطهركم من الأحداث والجنابة " وليتم نعمته عليكم " بما أنعم عليكم من الرخص " لعلكم تشكرون " أي لكي تشكروا الله لما رخص لكم ولم يضيق عليكم
قوله تعالى " واذكروا نعمة الله عليكم " يقول احفظوا منة الله عليكم بإقراركم بوحدانية الله تعالى " وميثاقه الذي واثقكم به " يعني يوم الميثاق حين أخرجهم من صلب آدم عليه السلام وقال " ألست بربكم قالوا بلى " الأعراف ١٧٢ هكذا قال في رواية الكلبي ومقاتل والضحاك وقال بعضهم هو ميثاق الجبلة والإدراك فكل من أدرك فقد أخذ عليه الميثاق وشهدت له خلقته وجبلته فصار ذلك كالإقرار منه ثم قال " إذ قلتم سمعنا وأطعنا " يوم الميثاق قلتم سمعنا قولك يا ربنا وأطعنا أمرك ثم قال " واتقوا الله " في نقص العهد والميثاق " إن الله عليم بذات الصدور " يعني عالم بسرائركم
سورة المائدة ٨ - ١٠


الصفحة التالية
Icon