٤٠٨
تعالى لم يأمرك بهذا ولكنك تميل إلى هابيل فأمرهما بأن يقربا قربانا فأيكما تقبل قربانه كان أحق بها فعمد قابيل وكان صاحب زرع إلى شر زرعه ووضعه عند الجبل وعمد هابيل وكان صاحب المواشي إلى خير غنمه فوضعها عند الجبل وكان قابيل يضمر في قلبه أنه إن تقبل منه أو لم يتقبل أن لا يسلم إليه أخته فنزلت نار من السماء فأكلت قربان هابيل وكان ذلك علامة القبول وتركت قربان قابيل فذلك قوله " إذ قربا قربانا " يعني وضعا قربانا " فتقبل من أحدهما " يعني هابيل " ولم يتقبل من الآخر " يعني قابيل ف " قال " قابيل لهابيل " لأقتلنك قال " ولم قال لأن الله تعالى قد قبل قربانك ورد علي قرباني فقال له هابيل " إنما يتقبل الله من المتقين " ولم يكن الذنب مني وإنما لم يتقبل منك لخيانتك وسوء نيتك وقال بعض الحكماء العاقل من يخاف على حسناته لأن الله تعالى قال " إنما يتقبل الله من المتقين " والخاسر من يأمن من عذاب الله لأن الله تعالى قال " فلا يأمن مكر الله القوم الخاسرون " الأعراف ٩٩
قوله تعالى " لئن بسطت إلي يدك " يعني إن هابيل قال لقابيل لئن مددت إلي يدك " لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين " ثم قال " إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك " يعني أني أريد أن ترجع " بإثمي " يعني بقتلك إياي وبإثمك الذي عملته قبل قتلي وهي الخيانة في القربان وغيره ويقال إني أريد أن ترجع بإثمي يعني أن لا أبسط يدي إليك لترجع أنت بإثمي وإثمك ولا يكون علي من الإثم شيء ويقال معناه إني أريد أن تؤخذ بإثمي وإثمك " فتكون من أصحاب النار " يعني لكي لا تكون من أصحاب النار " وذلك جزاء الظالمين "
قال الله تعالى " فطوعت له نفسه قتل أخيه " يعني تابعت له نفسه هواها على قتل أخيه ويقال انقادت له طاعة نفسه وقال قتادة زينت له نفسه تقتل أ " فقتله " قال بعضهم إنه كان لا يدري كيف يقتله حتى جاء إبليس فتمثل عنده برجلين فأخذ أحدهما حجرا ولم يزل بضرب الآخر حتى قتله فتعلم ذلك منه وقال بعضهم بل كان يعرف ذلك بطبعه لأن الإنسان وإن لم ير القتل فإنه يعلم بطبعه أن النفس فانية ويمكن إتلافها فأخذ حجرا وقتله بأرض الهند فلما رجع إلى آدم عليه السلام قال له ما فعلت بهابيل فقال له قابيل أجعلتني رقيبا على هابيل فذهب حيث شاء فبات آدم تلك الليلة محزونا فلما أصبح قابيل رجع إلى الموضع الذي فيه هابيل فرأى غرابا وقال بعضهم كان يحمله على عاتقه أياما لا يدري ما يصنع به حتى رأى غرابا ميتا فجاء غراب آخر فبحث التراب برجله ودفن الغراب الميت في التراب فذلك قوله تعالى " فقتله فأصبح من الخاسرين " يعني فصار من المغبونين في العقوبة
قوله تعالى " فبعث
الله غرابا يبحث في الأرض " وقابيل ينظر إليه وقال القتبي هذا من