٤١٢
" ولهم عذاب مقيم " يعني دائم أبدا وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال إن قوما يخرجون من النار بعدما يدخلونها قيل له سبحان الله أليس الله تعالى يقول " يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها " فقال جابر اقرؤوا إن شئتم أول الآية " إن الذين كفروا " يعني هذا للكفار خاصة دون العاصين من المؤمنين
سورة المائدة ٣٨ - ٣٩
قوله تعالى " والسارق والسارقة " بدأ بالرجل لأن السرقة في الرجل أكثر وقال في الزنى " الزانية والزاني " سورة النور ٢ بدأ النساء لأن الزنى في النساء أكثر وهن المفتنات للرجال " فاقطعوا أيديهما " روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ فاقطعوا أيمانهما وغيره قرأ أيديهما واتفقوا أن المراد به اليمين من الكرسوع الزند نزلت الآية في طعمة بن أبيرق ثم صارت الآية عامة في جميع السراق
وقال بعضهم إذا سرق قليلا أو كثيرا يجب القطع واحتج لظاهر الآية روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده وروي عن ابن الزبير أنه قطع في نعل ثمنه درهم وقال لو سرق خيطا لقطعته وقال بعضهم لا يقطع في أقل من ثلاثة دراهم أو ربع دينار فصاعدا
والاختيار عند علمائنا رحمهم الله أن اليد لا تقطع في أقل من عشرة دراهم وبه جاءت الآثار عن النبي ﷺ وعن أصحابه رضي الله عنهم قرأ بعضهم " السارق والسارقة " بالنصب وكذلك قوله " الزانية والزاني " بالنصب وإنما جعله نصبا لوقوع الفعل عليه وهو شاذ من القراءة والقراءة المعروفة بالرفع
وروي عن محمد بن يزيد المبرد أنه قال رفعه بالابتداء لأن القصد ليس إلى واحد من السراق والزناة بعينه إنما هو كقولك من سرق فاقطعوا يده ومن زنى فاجلدوه ثم قال " جزاء بما كسبا " يعني عقوبة لهما بما سرقا " نكالا " يعني عقوبة " من الله " جزاء صار نصبا لأنه مفعول له يعني بجزاء فعلهما ثم قال " والله عزيز " حكم على السارق بقطع اليد
ثم قال عز وجل " فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح " يعني من بعد سرقته " وأصلح " العمل " فإن الله يتوب عليه " يتجاوز عنه " إن الله غفور " لما سلف من ذنبه " رحيم " به بعد التوبة يعني إذا تاب ورد المال لا تقطع يده


الصفحة التالية
Icon