٤٣٠
٦٩ - ٧١
قوله تعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا " قال في رواية الكلبي هم قوم آمنوا بعيسى عليه السلام ولم يؤمنوا بغيره ولم يرجعوا ويقال " إن الذين آمنوا " بألسنتهم وهم المنافقون ويقال في الآية تقديم يعني " إن الذين آمنوا والذين هادوا " من آمن من اليهود والنصارى " والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا " فلهم أجرهم عند ربهم وقال في هذه السورة " والصابئون " وقال في موضع آخر " والصابئين " لأنه معطوف على خبر إن وكل اسم كان معطوفا على خبر إن كان فيه طريقان إن شاء رفع وإن شاء نصف كقوله إن زيدا قادم وعمرو إن شاء نصب الثاني وإن شاء رفعه كقوله تعالى " أن الله برئ من المشركين ورسوله " التوبة ٣ وقد قرأ " ورسوله " ولكنه شاذ وكذلك هاهنا جاز أن يقول " والصابئين " " والصابئون " إلا أن في هذه السورة كتب بالرفع
ثم قال " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " يعني لمن آمن من هؤلاء الذين سبق ذكرهم فلهم ثواب عند ربهم الجنة
قوله تعالى " لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل " يعني عهدهم في التوراة " وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم " يعني بما لا يوافق هواهم " فريقا كذبوا " مثل عيسى ومن سبق قبله " وفريقا يقتلون " مثل يحيى وزكريا وغيرهما من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فالله تعالى أمر النبي بتبليغ الرسالة وأمره بأن لا يحزن عليهم إن لم يؤمنوا لأنهم من أهل السوء الذين فعلوا هذه الأفعال
ثم قال " وحسبوا أن لا تكون فتنة " يعني ظنوا أنهم لا يفتنون بتكذبيهم الرسل وقتلهم الأنبياء ويقال ظنوا أن لا يعاقبوا ولا يصيبهم البلاء والشدة والقحط ويقال ظنوا أن قتل الأنبياء لا يكون كفرا ويقال ظنوا أن لا تفسد قلوبهم بالتكذيب وقتل الأنبياء قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو " أن لا تكون فتنة " بضم النون وقرأ الباقون بالنصب فمن قرأ بالنصب بمعنى أن ومن قرأ بالضم بمعنى حسبوا أنه لا تكون فتنة معناه حسبوا أن فعلهم غير فاتن لهم
ثم قال تعالى " فعموا وصموا " يعني عموا عن الحق وصموا عن الهدى فلم يسمعوه " ثم تاب الله عليهم " يقول تجاوز عنهم ورفع عنهم البلاء فلم يتوبوا " ثم عموا