٤٣٢
وكذلك كل ما يشبه هذا في القرآن مثل قوله " أتصبرون " يعني اصبروا
سورة المائدة ٧٥ - ٧٧
ثم بين الله تعالى أن المسيح عبده ورسوله وبين الحجة في ذلك فقال " ما المسيح ابن مريم إلا رسول " يعني هو رسول كسائر الرسل " قد خلت من قبله الرسل " وهو من جملة الرسل " وأمه صديقه " تشبه النبيين وذلك حين صدقت جبريل حين قال لها " إنما أنا رسول ربك " مريم ١٩ والصديق في اللغة هو المبالغ في التصديق وقال في آية أخرى " وصدقت بكلمات ربها " التحريم ١٢ ثم قال " كانا يأكلان الطعام " يعني المسيح وأمه كانا يأكلان ويشربان ومن أكل وشرب تكون حياته بالحيلة والرب لا يأكل ولا يشرب ويقال " كانا يأكلان الطعام " كناية عن قضاء الحاجة لأن الذي يأكل الطعام فله قضاء الحاجة ومن كان هكذا لا يصلح أن يكون ربا
ثم قال " انظر كيف نبين لهم الآيات " يعني العلامات في عيسى ومريم أنهما لو كانا إلهين ما أكلا الطعام " ثم انظر أنى يؤفكون " يقول من أين يكذبون بإنكارهم بأني واحد وقال القتبي " أنى يؤفكون " يعني أنى يصرفون عن الحق ويعدلون عنه يقال أفك الرجل عن كذا إذا عدل عنه
ثم أخبر الله تعالى عن جهلهم وقلة عقلهم فقال " قل " يا محمد " أتعبدون من دون الله " يعني عيسى وأمه " ما لا يملك لكم " يقول ما لا يقدر لكم " ضرا " في الدنيا " ولا نفعا " في الآخرة وتركتم عبادة الله " والله هو السميع " لقولكم " العليم " بعقوبتكم
قوله تعالى " قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق " يقول لا تجاوزوا الحد والغلو وهو الإفراط والاعتداء ويقال لا تتعمقوا
ثم قال " ولا تتبعوا أهواء قوم " وهم الرؤساء من أهل الكتاب يعني لا تتبعوا شهواتهم لأنهم آثروا الشهوات على البيان والبرهان " قد ضلوا من قبل " وهم رؤساء النصارى ضلوا عن الهدى " وأضلوا كثيرا " من الناس " وضلوا عن سواء السبيل " يعني اخطؤوا قصد الطريق وقال مقاتل نزلت شأن في برصيصا العابد حين جاءه الشيطان فقال له قد فضلك الله على أهل زمانك لكي تحل لهم الحرام وتحرم عليهم الحلال وتسن لهم السنة