٤٤٧
وروي عن مجاهد أنه قال إذا مات المؤمن في السفر ولا يحضره إلا كافران أشهدهما على ذلك فإن رضي ورثته مما قدما عليه من تركته فذلك ويحلف الشاهدان أنهما لصادقان فإن ظهر أنهما خانا خلف اثنان من الورثة وأبطلا أيمان الشاهدين
وروي عن شريح أنه قال لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني إلا في السفر ولا تجوز في السفر إلا على الوصية وهكذا قال إبراهيم النخعي وبه قال ابن أبي ليلى واحتجوا بظاهر هذه الآية وقال علماؤنا لا يجوز شهادة الذمي على المسلم في الوصية ولا في غيرها
وروي عن عكرمة أنه قال " أو آخران من غيركم " قال من غير عشيرتكم وكذلك قال الحسن " أو آخران من غيركم " يعني من غير قبيلتكم كلهم من أهل الصلاة قال ألا ترى إلى قوله " تحبسونهما من بعد الصلاة " وقال زيد بن أسلم كان ذلك في رجل توفي وليس عنده أحد من أهل الإسلام وذلك كان في أول الإسلام والأرض أرض الحرب والناس كلهم كفار إلا رسول الله ﷺ وأصحابه بالمدينة
وروى أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال " أو آخران من غيركم " قال هي منسوخة وقال الضحاك نسخت هذه الآية بقوله تعالى " وأشهدوا ذوى عدل منكم " الطلاق ٢ ورفع اليمين عن الشهود وأبطل شهادة أهل الذمة إلا بعضهم على بعض ويقال لنزول هذه الآية قصة وذلك أن ثلاثة نفر خرجوا إلى السفر تميم الداري وعدي بن زيد وبديل بن ورقاء مولى العاص بن وائل السهمي وأبي عمرو بن العاص فحضر بديل بن ورقاء الوفاة وكان مسلما وأوصى إلى تميم الداري وإلى عدي بن زيد وكانا نصرانيين وأمرهما أن يسلما أمتعته إلى أهله وكتب أسماء الأمتعة وأدرجه في ثيابه فلما قدما المدينة وسلما المتاع إلى أهله فوجد أهله الكتاب وفيه أسماء الأمتعة وفيه جام فضة لم يسلما إليهم فخاصمهما المطلب بن أبي وداعة وعمرو بن العاص إلى رسول الله ﷺ فنزلت الآية " أن أنتم ضربتم في الأرض " " فأصابتكم مصيبة الموت " بموت بديل بن ورقاء " تحبسونهما من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر أي وكان النبي ﷺ يقضي بين الناس بعد صلاة العصر فحلف الشاهدين فحلفا أنهما لم يكتما شيئا فذلك قوله تعالى " إن أنتم ضربتم في الأرض " يعني سافرتم في الأرض فأصابتكم في السفر مصيبة الموت يعني موت بديل بن ورقاء " تحبسونهما " يعني تقيمونهما " من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر عند منبر النبي ﷺ " فيقسمان بالله إن ارتبتم " يعني ظننتم بالشاهدين ريبة أو شككتم في أمرهما " لا نشتري به ثمنا " يعني باليمين ثمنا يعني أن الشاهدين يحلفان بالله أنهما لم يشتريا بأيمانهما ثمنا قليلا من عرض الدنيا
" ولو كان ذا قربى " يعني ذا قرابة منا
في الرحم لأن الميت كان بينه وبينهما قرابة " ولا نكتم شهادة الله " إن سئلنا عن ذلك فإن كتمناها يعني الشهادة " إنا إذا لمن الآثمين " يعني الفاجرين


الصفحة التالية
Icon