٤٥٧
لكم ) يا أهل مكة " وأرسلنا السماء عليهم مدرارا " يعني أرسلنا المطر متتابعا كلما احتاجوا إليه " وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم " يعني عذبناهم " بذنوبهم " وبتكذيبهم رسلهم " وأنشأنا من بعدهم " يعني وجعلنا من بعد هلاكهم " قرنا آخرين " قال الزجاج القرن أهل كل مدة فيها نبي أو فيها طبقة من أهل العلم كما قال النبي ﷺ كما قال النبي ﷺ خير القرون أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
سورة الأنعام ٧ - ١٠
ثم قال تعالى " ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس " ذلك أن النضر بن الحارث وعبد الله بن أمية وغيرهما قالوا لرسول الله ﷺ لن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتابا من السماء قال تعالى " ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس " يقول مكتوبا في صحيفة " فلمسوه بأيديهم " يقول عاينوه وأخذوه بأيديهم ما يصدقونه " لقال الذين كفروا " أي يقول الذين كفروا " إن هذا إلا سحر مبين " ولا يؤمنون به
ثم قال " وقالوا لولا أنزل عليه ملك " من السماء فيكون معه نذيرا قال الله تعالى " ولو أنزلنا ملكا " يعني من السماء " لقضي الأمر " يعني لهلكوا إذا عاينوا الملك ولم يؤمنوا ولم يصدقوا لنزل العذاب بهم " ثم لا ينظرون " يعني لا ينتظر بهم حتى يعذبوا ويقال لو نزل الملك لنزل بإهلاكهم ويقال لو أنزلنا ملكا لا يستطيعون النظر إليه فيموتون
ثم قال " ولو جعلناه ملكا " يعني لو أنزلنا ملكا بالنبوة " لجعلناه رجلا " يعني لأنزلناه على شبه رجل على صورة آدمي ألا ترى أنهم حين جاؤوا إلى إبراهيم عليه السلام جاؤوا على صورة الضيفان وعلى داود عليه السلام مثل الخصمين وكان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله ﷺ على صورة دحية الكلبي
ثم قال تعالى " وللبسنا عليهم ما يلبسون " يعني لو نزل الملك على أشباه الآدميين لا يزول عنهم الاشتباه والتلبس وروى بعضهم عن ابن عامر أنه قرأ " ما يلبسون " بنصب الباء يعني جعلنا عليه من الثياب ما يلبسونه على أنفسهم ظنوا أنه آدمي والقراءة المعروفة بالكسر يقال لبس يلبس إذا لبس الثوب ولبس يلبس إذا خلط الأمر وقال القتبي " وللبسنا " يعني أظللناهم بما ضلوا به من قبل أن يبعث الملك
ثم قال تعالى " ولقد استهزئ برسل من قبلك " يا محمد كما استهزأ بك قومك في أمر