٤٦٨
ثم قال " قل أرأيتكم " الكاف زيادة في بيان الخطاب " إن أتاكم عذاب الله " في الدنيا " أو أتتكم الساعة " يعني القيامة ثم رجع إلى عذاب الدنيا فقال " أغير الله تدعون " أي ليدفع عنكم العذاب " إن كنتم صادقين " بأن مع الله آلهة أخرى
قوله " بل إياه تدعون " قال أهل اللغة بل للاستدراك والإيجاب بعد النفي وإنما تستعمل في موضعين أحدهما لتدارك الغلط والثاني لترك شيء وأخذ شيء آخر فهاهنا بين أنهم لا يدعون غير الله تعالى وإنما يدعون الله عنهم ليكشف عنهم العذاب
ثم قال " فيكشف ما تدعون إليه إن شاء " وإنما قرن بالاستثناء وبالمشيئة لأن كشف العذاب فضل الله تعالى وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء
ثم قال " وتنسون ما تشركون " يعني تتركون دعاء الآلهة عند نزول الشدة
سورة الأنعام ٤٢ - ٤٣
ثم ذكر حال الأمم الماضية لكي يعتبروا فقال عز وجل " ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك " فكذبوهم على وجه الإضمار " فأخذناهم بالبأساء " يعني بالخوف والشدة " والضراء " يعني الزمانة والفقر وسوء الحال والجوع وقال الزجاج البأساء الجوع والضراء النقص في الأموال والأنفس " لعلهم يتضرعون " يعني لكي يرجعوا إليه ويؤمنوا به " فلولا إذ جاءهم بأسنا " يقول فهلا إذا جاءهم عذابا " تضرعوا " أي يرجعوا إلى الله ويؤمنوا به حتى يرفع عنهم العذاب يعني أنهم لو آمنوا لدفع عنهم العذاب ولكن أصروا على ذلك فذاك قوله تعالى " ولكن قست قلوبهم " يعني جفت ويبست قلوبهم " وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون " من عبادتهم الأصنام
سورة الأنعام ٤٤ - ٤٥
ثم قال " فلما نسوا ما ذكروا به " يعني الأمم الخالية حين لم يعتبروا بالشدة ولم يرجعوا " فتحنا عليهم أبواب كل شيء " من النعم والخصب ويقال إن الله تعالى يبتلي العوام بالشدة فإذا أنعم عليهم يكون استدراجا وأما الخواص فيبتليهم بالنعمة والرخاء فيعرفون ويعدون ذلك بلاء كما روي في الخبر إن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران إذا رأيت الفقر مقبلا إليك فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا إليك فقل ذنب عجلت عقوبته فهؤلاء الذين أرسل عليهم ابتلاهم الله تعالى بالشدة فلم يعتبروا فيها ولم يرجعوا ثم فتح عليهم أبواب كل خير عقوبة لهم لكي يعتبروا


الصفحة التالية
Icon