٤٨٥
يكرم بدينه من يشاء من عباده " ولو أشركوا " يعني هؤلاء النبيين " لحبط عنهم ما كانوا يعملون " في الدنيا يعني إنما فضلهم الله بالطاعة
ثم قال " أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم " يعني العلم والفهم والفقه " والنبوة فإن يكفر بها " أي الأنبياء " هؤلاء " يعني أهل مكة " فقد وكلنا بها " يعني ألزمنا بها " قوما ليسوا بها بكافرين "
قال سعيد بن جبير هم الأنصار ويقال " فإن يكفر بها " يعني بآياتنا " فقد وكلنا بها " يعني بالإيمان بها " قوما ليسوا بها بكافرين " يعني الأنبياء الذين سبق ذكرهم ويقال الملائكة وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة " فإن يكفر بها هؤلاء " يعني أمة محمد عليه السلام " فقد وكلنا بها قوما " يعني النبيين الذين قص الله تعالى عنهم
ثم قال تعالى " أولئك الذين هدى الله " " الذين " الأنبياء عليهم السلام " فبهداهم " يعني بسنتهم وبتوحيدهم " اقتده " على دينهم واستقم واعمل به وفي هذه الآية دليل أن شرائع المتقدمين واجبة علينا ما لم يظهر نسخها إذا ثبت ذلك في الكتاب أو ظهر على لسان الرسول ﷺ لأن الله تعالى أمرنا بأن نقتدي بهداهم واسم الهدى يقع على التوحيد والشرائع مثل " الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " البقرة ١ - ٢ والكتاب يشتمل على الشرائع وغيرها قرأ حمزة والكسائي " فبهداهم اقتده " بالهاء عند الوقف وبغير الهاء عند الوصل لأن الفاء دخلت فيه عند الوقف لتبين الكسرة في الدال وعند الوصل تبين فلا يحتاج إلى إدخالها وقرأ ابن عامر بغير الهاء في الوقف والوصل جميعا وقرأ الباقون بالهاء في الوصل والوقف جميعا لأنها هاء الوقف مثل قوله " كتابيه " و " حسابيه "
ثم قال تعالى " قل لا أسألكم عليه أجرا " يعني قل للمشركين لا أسألكم على الإيمان والقرآن جعلا " إن هو " يعني ما هو وهو القرآن " إلا ذكرى للعالمين " يعني موعظة للعالمين الإنس والجن
سورة الأنعام ٩١
قوله تعالى " وما قدروا الله حق قدره " يعني ما عظموا الله حق عظمته وما عرفوه حق معرفته نزلت في مالك بن الضيف خاصمه عمر في النبي ﷺ أنه مكتوب في التوراة فغضب وقال " ما أنزل الله على بشر من شيء " وكان رئيس اليهود فعزلته اليهود عن الرئاسة بهذه الكلمة قال مقاتل نزلت هذه الآية بالمدينة وسائر السور بمكة ويقال إن هذه السورة كلها مكية وكان مالك بن الضيف خرج مع نفر إلى مكة معاندين ليسألوا النبي ﷺ عن أشياء وقد