٤٨٨
ثم قال تعالى " اليوم تجزون " يعني إذا بعثوا يوم القيامة يقال لهم اليوم تجزون " عذاب الهون " يعني الهوان ويقال الشديد " بما كنتم تقولون على الله " أي في الدنيا " غير الحق " بأن معه شريكا " وكنتم عن آياته تستكبرون " يعني عن الإيمان بمحمد ﷺ وبالقرآن ولم تقروا به
قوله تعالى " ولقد جئتمونا فرادى " يعني في الآخرة " فرادى " لا ولد لكم ولا مال الفرادى جمع فرد يعني ليس معكم من دنياكم شيء " كما خلقناكم أول مرة " أي في الدنيا حين ولدتم " وتركتم ما خولناكم " يعني أعطيناكم من المال والولد " وراء ظهوركم " في الدنيا " وما نرى معكم شفعاءكم " يعني آلهتكم " الذين زعمتم " في الدنيا " أنهم فيكم شركاء " يعني قلتم لي شركاء ولكم شفعاء عند الله تعالى
" لقد تقطع بينكم " قرأ نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص " بينكم " بالنصب وقرأ الباقون " بينكم " بالضم فمن قرأ بالضم جعل البين اسما يعني نقطع وصلتكم ومودتكم ومن قرأ بالنصب فمعناه لقد تقطع ما كنتم فيه من الشركة بينكم فيصير نصبا بالظرف كما تقول أصبحت بينكم أي فيما بينكم " وضل عنكم ما كنتم تزعمون " يعني اشتغل عنكم ما كنتم تعبدون وتزعمون أنها شفعاؤكم
سورة الأنعام ٩٥ - ٩٦
قوله تعالى " إن الله فالق الحب والنوى " يعني يشق الحبة اليابسة فيخرج منها ورقا أخضر ويقال " فالق الحب " مثل البر والشعير والذرة والحبوب كلها " والنوى " كل ثمرة فيها نوى مثل الخوخ والمشمش والغبيراء والإجاص " يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي " وقد ذكرنا تأويله " ذلكم الله " ربكم يعني هذا الذي يفعل بكم هو الله تعالى وهو الذي يفعل هذه الأشياء " فأنى تؤفكون " يعني كيف تكفرون ومن أين تكذبون فذكر عيب آلهتهم
ثم دل على وحدانيته بصنعه قال " فالق الإصباح " يعني خالق الإصباح الإصباح والصبح واحد ويقال الإصباح مصدرا أصبح يصبح إصباحا والصبح اسم ويقال " فالق الإصباح " يعني خالق النهار " وجعل الليل سكنا " قرأ أهل الكوفة حمزة والكسائي وعاصم " وجعل الليل " على معنى الخبر وقرأ الباقون " جاعل الليل " على معنى الإضافة " سكنا " يعني يسكن فيه الخلق
ثم قال " والشمس والقمر حسبانا " يعني وجعل الشمس والقمر " حسبانا " يعني منازلهما بالحساب لا يجاوزانه إذا انتهيا إلى أقصى منازلهما رجعا وهذا قول الكلبي وقال