٤٩١
لعنهم الله قالوا المسيح ابن الله وكفار قريش جعلوا الملائكة والأصنام بنات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
ثم نزه نفسه فقال " سبحانه " يعني تنزيها له " وتعالى عما يصفون " يعني هو أعلى وأجل مما يصف الكفار بأن له ولدا قرأ نافع " وخرقوا " بالتشديد على معنى المبالغة
قوله تعالى " بديع السموات والأرض " يعني خالق السموات والأرض يعني مبدعهما وهو أن يبتدئ شيئا ولم يكن شيئا يعني أنه ابتدعهما ولم يكونا " أنى يكون له ولد " قال القتبي " أنى " على وجهين يكون بمعنى كيف كقوله " فأتوا حرثكم أنى شئتم " البقرة٢٢٣ وكقوله " أنى يحى هذه الله بعد موتها " البقرة٢٥٩ ويكون بمعنى من أين كقوله " قتلهم الله أنى يؤفكون " التوبة٣٨ وكقوله " أنى يكون له ولد " أي من أين يكون له الولد " ولم تكن له صاحبة " يعني زوجة " وخلق كل شيء " يعني الملائكة والجن وعيسى وغيرهم وهم خلقه وعبيده " وهو بكل شيء عليم " مما خلق
ثم قال " ذلكم الله ربكم " يعني الذي فعل هذا هو ربكم " لا إله إلا هو " يعني لا خالق غيره " خالق كل شيء فاعبدوه " يعني وحدوه وأطيعوه " وهو على كل شيء وكيل " يعني كفيل بأرزاقهم ويقال " وكيل " يعني حفيظ
ثم عظم نفسه فقال " لا تدركه الأبصار " قال مقاتل يعني لا يراه الخلق في الدنيا وروى الشعبي عن مسروق قال قلت لعائشة رضي الله عنها هل رأى محمد ﷺ ربه فقالت لقد اقشعر قلبي مما قلت وجلدي أين أنت من ثلاثة من حدثك بهن فقد كذب من حدثك أن النبي ﷺ رأى ربه فقد كذب ثم قرأت " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار " ومن حدثك أنه قد علم ما في غد فقد كذب ثم قرأت " وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا " سورة لقمان٣٤ ومن حدثك أنه كتم شيئا من الوحي فقد كذب ثم قرأت " يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " المائدة٦٧
ثم قال " وهو يدرك الأبصار " يعني لا يخفى عليه شيء ولا يفوته قال الزجاج في هذه الآية دليل أن الخلق لا يدركون الأبصار أي لا يعرفون كيف حقيقة البصر وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه فاعلم أنهم لا يحيطون بعلمه فكيف به
ثم قال " وهو اللطيف الخبير " يعني " اللطيف " في فعله " الخبير " بخلقه وبأعمالهم وقال أبو العالية " لا تدركه الأبصار " يعني في الدنيا وتدركه أبصار المؤمنين في الآخرة