٤٩٦
ثم قال تعالى " فلا تكونن من الممترين " يعني الشاكين في أنه الحق وأنه من الله خاطبه بذلك وأراد به غيره من المؤمنين لكي لا يشكوا فيه
قوله تعالى " وتمت كلمة ربك " يقول وجب قول ربك بأنه ينصر محمدا ﷺ وأن عاقبة الأمر له " صدقا وعدلا " يعني " صدقا " فيما وعد له من النصرة " وعدلا " فيما حكم به " لا مبدل لكلماته " يقول لا مغير لوعده كقوله " لننصر رسلنا " غافر ٥١ ويقال " لا مبدل لكلماته " يعني لا ينقض بعضه بعضا ولا يشبه كلام البشر وروى أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ في قوله تعالى " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا " قال هو قول لا إله إلا الله " وهو السميع العليم " " السميع " بما سألوا " العليم " بهم
ثم قال تعالى " وإن تطع أكثر من في الأرض " يعني أهل أرض مكة فيما يدعونه إلى ملة آبائه ويقال " وإن تطع أكثر من في الأرض " يعني الكفار لأن أكثر من في الأرض كانوا كفارا " يضلوك عن سبيل الله " يعني يصرفونك عن دين الله الإسلام " إن يتبعون إلا الظن " يعني القوم يتبعون أكابرهم بالظن ويتبعونهم فيما لا يعلمون أنهم على الحق فإن قيل كيف يعذبون وهم ظانون على غير يقين قيل لهم لأنهم اقتصروا على الظن والجهل لأنهم اتبعوا أهواءهم ولم يتفكروا في طلب الحق ويقال " إن يتبعون إلا الظن " يعني في أكل الميتة واستحلالها " وإن هم إلا يخرصون " يعني ما هم إلا كاذبون باستحلالهم الميتة وأكلهم لأنهم كانوا يقولون ما قتل لله فهو أولى بالحل وبأكله مما نذبحه بأيدينا
ثم قال " إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله " يعني عن دينه وعن شرائع الإسلام " وهو أعلم بالمهتدين " لدينه قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي " وتمت كلمة ربك " بلفظ الوحدان وقرأ الباقون " كلمات " بلفظ الجماعة
سورة الأنعام ١١٨ - ١١٩
قوله تعالى " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه " من الذبائح " إن كنتم بآياته مؤمنين " يعني مصدقين فقد بين الله تعالى أنه لا يجوز أكل الميتة وإنما يحل أكل ما ذبح وذكر اسم الله عليه
ثم قال " وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه " يعني مما ذبح وذكر اسم الله عليه " وقد فصل لكم ما حرم عليكم " يعني بين لكم تحريمه في سورة المائدة وغيره من " ما حرم


الصفحة التالية
Icon