٥٠٣
بما أوحى الله إلى ويقال اعملوا بمكاني وأنا عامل بمكانكم " فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار " فهذا وعيد من الله تعالى يقول نبين لكم من تكون له عاقبة الأمور في الدنيا ومن تكون له الجنة في الآخرة " إنه لا يفلح الظالمون " مخاطبا لرسول الله ﷺ أي في الآخرة ولا يأمن المشركون قرأ عاصم في رواية أبي بكر " اعملوا على مكاناتكم " في جميع القرآن بلفظ الجماعة وقرأ الباقون " مكانتكم " وقرأ حمزة والكسائي " من يكون " بالياء لأنه انصرف إلى المعنى وهو الثواب والباقون قرؤوا بالتاء لأن لفظ العاقبة لفظ مؤنث
سورة ١٣٦ - ١٣٧
قوله تعالى " وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام " وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كانوا يسمون لله جزءا من الحرث ولأوثانهم جزءا فما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى جزء الله تعالى أخذوه وما ذهبت به الريح من الجزء الذي سموه لله إلى جزء الأصنام تركوه وقالوا إن الله غني عن هذا وقال السدي ما خرج من نصيب الأصنام أنفقوه عليها وما خرج من نصيب الله تصدقوا به فإذا هلك الذي لشركائهم وكثر الذي لله قالوا ليس لآلهتنا بد من النفقة فأخذوا الذي لله وأنفقوه على الأصنام وإذا هلك الذي لله وكثر الذي للأصنام قالوا لو شاء الله لأزكى ماله فلا يردون عليه شيئا فذلك قوله تعالى " وجعلوا لله مما ذرأ " يعني مما خلق من الحرث والأنعام " نصيبا " يعني جعلوا لله نصيبا ولشركائهم نصيبا فاقتصر على المذكور لأن في الكلام دليلا على المسكوت عنه " فقالوا هذا لله بزعمهم " يقول بقولهم ولم يأمرهم الله بذلك " وهذا لشركائنا " يعني للأصنام " فما كان لشركائهم " يعني لأصنامهم " فلا يصل إلى الله " يقول فلا يضعون شيئا في نصيب الله تعالى " وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم " يقول يوضع في نصيبهم " ساء ما يحكمون " يعني لو كان معه شريك كما يقولون ما عدلوا في القسمة ويقال " ساء ما يحكمون " حيث وصفوا لله شريكا قرأ الكسائي بزعمهم بضم الزاي وقرأ الباقون بالنصب وهما لغتان ومعناهما واحد
ثم قال تعالى " وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم " يعني زين لهم شركاؤهم وهم الشياطين قتل أولادهم لأنهم يقتلون أولادهم مخافة الفقر والحمية ويدفنون بناتهم أحياء فزين لهم الشيطان ذلك كما زين لهم تحريم الحرث والأنعام ويقال


الصفحة التالية
Icon