٥٢٠
ثم خوفهم فقال تعالى " وكم من قرية أهلكناها " معناه وكم من أهل قرية وعظناهم فلم يتعظوا فأهلكناهم " فجاءها بأسنا " يعني جاءها عذابنا بعد التكذيب " بياتا " يعني ليلا سمي الليل بياتا لأنه يبات فيه كما سمي البيت بيتا لأنه يبات فيه " أو هم قائلون " يعني عند القيلولة فإن لم تتعظوا أنتم يأتيكم العذاب ليلا أو نهارا كما أتاهم
ثم أخبر عن حال من أتاهم العذاب فقال " فما كان دعواهم إذا جاءهم بأسنا إلا أن قالوا " يعني لم يكن قولهم حين جاءهم العذاب ولم تكن لهم حيلة إلا أنهم تضرعوا وقالوا " إنا كنا ظالمين " ظلمنا أنفسنا بترك طاعة ربنا من التوحيد يعني أن قولهم بعدما جاءهم العذاب والهلاك لم ينفعهم فاعتبروا بهم فإنكم إذا جاءكم العذاب لا ينفعكم التضرع
ثم أخبرهم حالهم يوم القيامة فقال " فلنسألن الذين أرسل إليهم " يعني الأمم هل بلغكم الرسل ما أرسلوا به إليكم وماذا أجبتم المرسلين " ولنسألن المرسلين " عن تبيلغ الرسالة وماذا أجبتم الرسل وهذا كقوله تعالى " ليسئل الصادقين عن صدقهم " الأحزاب ٨
ثم قال تعالى " فلنقصن عليهم بعلم " يعني فلنخبرنهم بما عملوا في الدنيا ببيان وعلم منا " وما كنا غائبين " عما بلغت الرسل وعما رد عليهم قومهم ومعناه وما كنا نسألهم لنعلم ولكن سألناهم حجة عليهم
سورة الأعراف ٨ - ٩
قوله تعالى " والوزن يومئذ الحق " يعني وزن الأعمال يومئذ بالعدل " فمن ثقلت موازينه " يعني رجحت حسناته على سيئاته " فأولئك هم المفلمون " أي الناجون وتكلموا في وزن الأعمال قال بعضهم توزن الصحائف التي كتابها الحفظة في الدنيا وقال بعضهم يجعل للأعمال صورة وتوضع في الميزان وقال بعضهم هذا على وجه المثل وهو كناية عن التعديل وهو قول المعتزلة وقال بعضهم قد ذكر الله تعالى الوزن فنؤمن به ولا نعرف كيفيته
وروى بلال الحبشي عن حذيفة عن النبي ﷺ أنه قال إن جبريل صاحب الميزان يوم القيامة يقول له ربه زن بينهم فرد بعضهم على بعض ولا درهم يؤمئذ ولا فضة ولا دينار فيرد الظالم على المظلوم ما وجد له من حسنة فإن لم توجد له حسنة أخذ من سيئات المظلوم فيرد على الظالم فيرجع الظالم وعليه سيئات مثل الجبل


الصفحة التالية
Icon