٥٣١
٤٣
قوله تعالى " إن الذين كذبوا بآياتنا " يعني بمحمد ﷺ والقرآن " واستكبروا عنها " يعني عن قبولها ويقال عن النظر فيها " لا تفتح لهم أبواب السماء " يعني لأعمال الكافرين أي ليس لهم عمل صالح تفتح له أبواب السماء ويقال لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا ماتوا وقال بعضهم " أبواب السماء " يعني أبواب الجنة " ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " يعني لا يدخلون الجنة أبدا كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة وروي عن ابن مسعود أن سئل عن الجمل فقال زوج الناقة وقال الضحاك الجمل الذي له أربع قوائم وقال بعض الناس الجمل هو أشتر بالفارسية وقال الحسن هو ولد الناقة وروي عن ابن عباس أنه قرأ " حتى يلج الجمل " بضم الجيم وتشديد الميم وهو حبل السفينة وسئل عكرمة عن قوله تعالى " حتى يلج الجمل " قيل وما الجمل قال الحبل الذي يصعد به النخل قال سعيد بن جبير هو حبل السفينة الغليظ قرأ أبو عمرو " لا تفتح " بالتاء بلفظ التأنيث بالتخفيف حمزة والكسائي " لا يفتح " بالياء بلفظ التذكير بالتخفيف وقرأ الباقون " لا تفتح لهم " بالتشديد فمن قرأ بلفظ التأنيث فلأنها من جماعة الباب ومن قرأ بالتذكير فلأن الفعل مقدم ومن قرأ بالتشديد أراد به تكثير الفتح ومن قرأ بالتخفيف فلفتح مرة واحدة وقرأ بعضهم في " سم الخياط " بضم السين وهي قراءة شاذه وهما لغتان قال أبو عبيدة كل ثقب فهو سم
ثم قال عز وجل " وكذلك نجزي المجرمين " يعني هكذا نعاقب المشركين ثم ذكر ما أوعد لهم في النار فقال تعالى " لهم من جهنم مهاد " يعني فراشا من النار " ومن فوقهم غواش " يعني تغشاهم النار من فوق رؤوسهم ومعناه أن من تحتهم نارا ومن فوقهم نارا كقوله " لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل " الزمر ١٦ ويقال " لهم من جهنم مهاد " يعين حظهم من جهنم كالمهاد فأخبر عن ضيق مكانهم في النار " وكذلك نجزي الظالمين " يعني هكذا نعاقب الكافرين
قوله تعالى " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " وذلك أن الله تعالى لما أخبر عن حال الذين كذبوا بآياته واستكبروا عن قبولها أخبر عن حال الذين آمنوا بآياته فقال " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " يعني صدقوا " وعملوا الصالحات " يعني الأعمال الصالحة " لا نكلف نفسا إلا وسعها " يعني لا نكلف نفسا بعد الإيمان من الأعمال إلا بقدر طاقتها " أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " يعني دائمين
ثم قال عز وجل " ونزعنا ما في صدورهم من غل " قال بعضهم يعني في الدنيا أخرج


الصفحة التالية
Icon