٥٣٢
الله تعالى الغل والحسد من قلوبهم وألف بين قلوبهم كما قال " ولكن الله ألف بينهم " الأنفال ٦٣ هذا في الجنة يخرج الغل والحسد من قلوبهم قال ابن عباس نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن تابعهم على سنتهم ومنهاجهم إلى يوم القيامة وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعمران بن طلحة بن عبيد الله أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله تعالى فيهم " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين " الحجر ٤٧ فأنكر عليه بعضهم فقال علي إن لم نكن نحن فمن هم يعني إن الذين كانوا على عهد رسول الله ﷺ لم يكن في قلوبهم من الغل حتى ينزع عنهم " تجري من تحتهم الأنهار " يعني من تحت غرفهم وأشجارهم الأنهار " وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا " يعني أكرمنا بهذه الكرامة ويقال " الحمد لله " الذي وفقنا للأمر الذي أوجب لنا هذا الثواب وهو الإسلام ويقال هدانا لهاتين العينين وذلك أن أهل الجنة لما انتهوا إلى باب الجنة فإذا هم بشجرة تنبع من ساقها عينان فيعمدون إلى إحداهما فيشربون منها فيخرج الله تعالى ما كان في أجوافهم من غل وقذر فذلك قوله تعالى " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " الإنسان ٢١ ثم يعمدون إلى الأخرى فيغتسلون فيها فيطيب الله تعالى أجسادهم من كل درن وجرت عليهم نضرة ولا تشعث رؤوسهم ولا تغبر وجوههم ولا تشحب أجسادهم أبدا ثم تتلقاهم خزنة الجنة فينادون في التقديم أي قبل أن يدخلوها " إن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون " فقالوا بعد ما اغتسلوا من العينين " الحمد لله الذي هدانا لهذا " يعني وفقنا حتى اغتسلنا من هاتين العينين ويقال لما دخلوا الجنة ونظروا إلى كراماتها قالوا " الحمد لله الذي هدانا " يعني لهذا الثواب " وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " يعني ما كنا نعرف لولا أن وفقنا الله تعالى وذلك أنهم علموا أن الله تعالى له عليهم الفضل والمن فيما أعطاهم قرأ ابن عامر " ما كنا لنهتدي " بغير واو على الاستئناف وقرأ الباقون بالواو على معنى العطف
قال تعالى " لقد جاءت رسل ربنا بالحق " فصدقناهم " ونودوا أن تلكم الجنة " التي وعدتم وقال بعضهم أن يدخلوها قال لهم خزنة الجنة تلكم الجنة التي وعدتم ويقال بعدما ما دخلوها يقال لهم إن تلكم الجنة يعني هذه الجنة التي " أورثتموها " يعني أنزلتموها بإيمانكم واقتسموها " بما كنتم تعملون " في الدنيا وهذا كما روي في الخبر أنه يقال لهم يوم القيامة جوزوا الصراط بعفوي وادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم


الصفحة التالية
Icon