٥٣٧
مجهول والكيفية غير معقولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا ضالا فأخرجوه وذكر عن محمد بن جعفر نحو هذا وقد تأوله بعضهم وقال " ثم " بمعنى الواو فيكون على معنى الجمع والعطف لا بمعنى الترتيب والتراخي ومعنى قوله " استوى " يعني استولى كما يقال فلان استوى على بلد كذا يعني استولى عليه فكذلك هذا معناه خالق السموات والأرض ومالك العرش ويقال ثم صعد أمره إلى العرش وهذا معنى قول ابن عباس قال صعد على العرش يعني أمره يعني قال له كن فكان ويقال " ثم استوى على العرش " يعني كان فوق العرش قبل أن يخلق السموات والأرض ويكون " على " بمعنى العلو والارتفاع ويقال " استوى " بمعنى استعلى وذكر أن أول شيء خلقه الله تعالى القلم ثم اللوح فأمر القلم بأن يكتب في اللوح ما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق ما شاء ثم خلق العرش ثم خلق حملة العرش ثم خلق السموات والأرض وإنما خلق العرش لا لحاجة نفسه ولكن لأجل عباده ليعلموا أين يتوجهون في دعائهم لكي لا يتحيروا في دعائهم كما خلق الكعبة علما لعبادتهم ليعلموا إلى أين يتوجهون في العبادة فكذلك خلق العرش علما لدعائهم ليعلموا إلى أين يتوجهوا بدعائهم
ثم قال تعالى " يغشى الليل النهار " يعني إن الليل يأتي على النهار فيغطيه ولم يقل يغشى النهار الليل لأن في الكلام دليلا عليه وقد بين في آية أخرى " يكور اليل على النهار ويكور النهار على اليل " الزمر ٥ فكذلك هاهنا معناه يغشى النهار الليل ويغشى الليل النهار يعني إذا جاء النهار يذهب بظلمة الليل وإذا جاء الليل يذهب بنور النهار
قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر " يغشى الليل النهار " بتشديد الشين ونصب الغين وقرأ الباقون بجزم الغين مع تخفيف الشين وهما لغتان غشى ويغشى وأغشى يغشى
ثم قال " يطلبه حثيثا " يعني سريعا في طلبه أبدا ما دامت الدنيا باقية
ثم قال " والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره " يعني جاريات مذللات لبني آدم بأمره
قرأ ابن عامر " والشمس والقمر والنجوم " كلها بالضم على معنى الابتداء وقرأ الباقون بالنصب على معنى العطف أي " خلق الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره "
ثم قال " إلا له الخلق والأمر " " ألا " كلمة التنبيه يعني اعلموا أن الخلق لله تعالى وهو الذي خلق الدنيا والأشياء كلها وأمره نافذ في خلقه قال سفيان بن عيينه الخلق هو الخلائق والأمر هو القرآن وهو كلام الله تعالى وليس بمخلوق ولا هو مباين منه وتصديقه قوله تعالى " ذلك أمر الله أنزله إليكم " الطلاق ٥ ويقال الأمر هو القضاء
ثم قال " تبارك الله رب العالمين " قال ابن عباس يعني تعالى الله عما يقول