٥٣٨
الظالمون ويقال " تبارك الله " يعني تفاعل من البركة بمعنى ذو البركة يعني البركة كلها من الله تعالى والبركة فيما يذكر عليه اسم الله رب العالمين يعني سيد الخلق أجمعين
سورة الأعراف ٥٥ - ٥٧
فلما وصف وبالغ في ذلك وأعجزهم فأمرهم أن يدعوه فقال عز وجل " ادعوا ربكم تضرعا وخفية " قال الكلبي يعني في خفض وسكون ويقال " خفية " يعني اعتقدوا عبادته في أنفسكم لأن الدعاء معناه العبادة ويقال علانية وسرا ويقال هذا أمر بالدعاء في الأحوال كلها يعني ادعوا الذي خلق هذه الأشياء في الأحوال كلها
ثم قال " إنه لا يحب المعتدين " يعني أن تدعوا بما لا يحل أو تدعوا على أحد باللعن والخزي أو تدعوا عليه بالشر
ثم قال تعالى " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " وذلك أن الله تعالى إذا بعث نبيا فأطاعوه صلحت الأرض وصلح أهلها وفي المعصية فساد الأرض وفساد أهلها ويقال " لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " يعني لا تجوروا في الأرض فتخربوها لأن الأرض قامت بالعدل ويقال لا تخربوا المساجد فتتركوا الجماعة " وادعوه " يعني اعبدوه " خوفا وطمعا " يعني " خوفا " من عذابه " وطمعا " في رحمته ويقال ادعوه في حال الخوف والضيق ويقال خوفا عن قطيعته ورجاء في لقائه
ثم قال " إن رحمة الله قريب من المحسنين " ولم يقل قريبة قال بعضهم لأن البعيد والقريب يصلحان للواحد وللجمع المذكر والمؤنث كما قال " لعل الساعة تكون قريبا " الأحزاب ٦٣ وقال " وما هي من الظالمين ببعيد " هود ٨٣ وقال بعضهم تفسير الرحمة هاهنا المطر فذكر بلفظ التذكير وقال بعضهم لأن الرحمة بمعنى الغفران والعفو فانصرف إلى المعنى ومعناه المحسنون قريب من الجنة وهم المؤمنون
ثم قال عز وجل " وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته " يعني قدام المطر قرأ حمزة والكسائي " الريح " بلفظ الوحدان وقرأ الباقون " الرياح " بلفظ الجماعة واختار أبو عبيدة ان كل ما ذكر في القرآن من ذكر الرحمة فهو رياح وكل ما ذكر فيه العذاب فهو ريح واحتج بما روي عن النبي ﷺ أنه قال إذا هبت الريح اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا


الصفحة التالية
Icon