٥٤٠
٦٤
قوله تعالى " لقد أرسلنا نوحا إلى قومه " يعني بعثنا نوحا إلى قومه بالرسالة فاتاهم ويقال وجعلنا نوحا رسولا إلى قومه " فقال يا قوم اعبدوا الله " يعني وحدوا الله وأطيعوه " ما لكم من إله غيره " يعني ليس لكم رب سواه
قرأ الكسائي " إله غيره " بكسر الراء وقرأ الباقون " غيره " بضم الراء فمن قرأ بكسر الراء فلأجل " من " وجعله كله كلمة واحدة والغير تابعا له ومن قرأ بالضم فمعناه ما لكم إله غيره ودخلت " من " مؤكدة
ثم قال " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " وهو الغرق
قوله تعالى " قال الملأ من قومه " وهم الرؤساء والأجلة والأشراف سموا بذلك لأنهم ملئوا بما يحتاج إليه منهم ويقال لأنهم ملؤوا الناظر هيبة إذا اجتمعوا في موضع قالوا " إنا لنراك في ضلال مبين " يعني في خطأ بين " قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين " وفي الآية بيان أدب للخلق في حسن الجواب والمخاطبة لأنه رد جهلهم بأحسن الجواب وهذا كما قال الله تبارك وتعالى " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سالما " الفرقان ٦٣ يعني السداد من القول
ثم قال عز وجل " أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم " يعني أمنعكم من الفساد وأدعوكم إلى التوحيد وأحذركم من العذاب وقال أهل اللغة أنصح لكم وأنصحكم لغتان بمعنى واحد كما يقال شكرت لك وشكرتك
ثم قال " وأعلم من الله ما لا تعلمون " يعني أعلم أنكم إن لم تتوبوا يأتيكم العذاب وأنتم لا تعلمون ذلك وذلك أن سائر الأنبياء عليهم السلام خوفوا أممهم بعذاب الأمم السالفة كما قال شعيب لقومه " يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط عنكم ببعيد " هود ٨٩ وأما قوم نوح فلم يكن بلغهم هلاك أمة قبلهم فقال لهم نوح " وأعلم من الله ما لا تعلمون " من العذاب الذي ينزل بكم فقال الكبراء للضعفاء لا تتبعوه فإن هذا بشر مثلكم فأجابهم نوح فقال " أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم " يعني ينزل الكتاب والرسالة على رجل منكم تعرفون حليته ونسبه " لينذركم " بالنار " ولتتقوا " بالشرك قال بعضهم هذه الواو صلة وهو زيادة في الكلام ومعناه " لينذركم " لكي تتقوا " ولعلكم ترحمون " يعني لكي تطيعوه فترحموا وتنجوا من العذاب قرأ أبو عمرو