٥٥٥
بغير مد على وجه الخبر " إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة " يعني صنع صنعتموه فيما بينكم وبين موسى في المدينة " لتخرجوا منها أهلها " يعني إنكم أردتم أن تخرجوا الناس من مصر بسحركم
ثم قال لهم " فسوف تعلمون " يعني تعلمون ماذا أفعل بكم " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف " يعني اليد اليمنى والرجل اليسرى " ثم لأصلبنكم أجمعين " على شاطئ نهر مصر " قالوا إنا إلى ربنا منقلبون " يعني لا نبالي من فعلك وعقوبتك فإن مرجعنا إلى الله تعالى يوم القيامة
قوله تعالى " وما تنقم منا " يعني وما تعيب علينا وما تنكر منا " إلا أن آمنا " بالله يعني إلا إيماننا بالله ويقال وما نقتمتك علينا ولم يكن منا ذنب " إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا " يعني لما ظهر عندنا أنه حق
ثم سألوا الله تعالى الصبر على ما يصيبهم لكي لا يرجعوا عن دينهم فقالوا " ربنا أفرغ علينا " يعني أنزل علينا " صبرا " عند القطع والصلب ومعناه ارزقنا الصبر وثبت قلوبنا حتى لا نرجع كفار " وتوفنا مسلمين " على دين موسى وروي عن عبيد الله بن عمير أنه قال كانت السحرة أول النهار كفارا سحرة وآخر النهار شهداء بررة وقال بعض الحكماء إن سحرة فرعون كانوا كفروا خمسين سنة فغفر لهم بإقرار واحد وبسجدة واحدة فالذي أقر وسجد خمسين سنة فكيف لا يرجو رحمته ومغفرته
قوله تعالى " وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض " يعني أن السحرة قد آمنوا به فلو تركهما يؤمن بهما جميع أهل مصر فيفسدوا في الأرض يعني موسى وقومه ويغيروا عليك دينك في أرض مصر " ويذرك وآلهتك " وذلك أن فرعون جعل لقومه أصناما يعبدونها وكان يقول لهم هؤلاء أربابكم الصغار وأنا ربكم الأعلى فذلك قوله " ويذرك وآلهتك " يعني يدعك ويدع أصنامك التي أمرت بعبادتها وروي عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان يقرأ " ويذرك وآلهتك " يعني عبادتك وتعبدك قال ابن عباس كان فرعون يعبد ولا يعبد ويقال معنى قوله " أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض " يعني يغلبوا عليكم ويقتلوا أبناءكم ويستحيوا نساءكم كما فعلتم بهم كما قال في آية أخرى " إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد " غافر ٢٦ فقال فرعون " سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم " لأنهم قد كانوا تركوا قتل الأبناء فأمرهم بأن يرجعوا إلى فعل ذلك قرأ ابن كثير ونافع " سنقتل " بجزم القاف والتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد على معنى التكثير والمبالغة في القتل
ثم قال " وإنا فوقهم قاهرون " يعني مسلطون فشكت بنو إسرائيل إلى موسى