٥٦٦
١٥٠ - ١٥١
قوله تعالى " ولما رجع موسى إلى قومه " يعني من الجبل " غضبان أسفا " يعني حزينا والأسف في اللغة شدة الغضب ومنه قوله تعالى " فلما ءاسفونا انتقمنا منهم " الزخرف ٥٥ ويقال أشد الحزن كقوله " يأسفي على يوسف " يوسف ٨٤ " قال بئسما خلفتموني من بعدي " يعني بعبادة العجل يعني بئس ما فعلتم في غيبتي " أعجلتم أمر ربكم " يعني استعجلتم ميعاد ربكم ويقال أعصيتم أمر ربكم ويقال معناه " أعجلتم " بالفعل الذي استوجبتم به عقوبكم ربكم " وألقى الألواح " من يده قال الكلبي انكسرت الألواح وصعد عامة الكلام الذي كان فيها من كلام الله تعالى إلى السماء وقال بعضهم هذا الكلام في ظاهرة غير سديد لأن الكلام صفة والصفة لا تفارق الموصوف فلا يجوز أن يقال الكلام يصعد ويذهب ولكن تأويله أن الألواح لما انكسرت ذهب أثر المكتوب منها وهذا إذا كان من غير الأحكام وأما الأحكام أيضا فلا يجوز أن تذهب عنه وإنما أراد بذلك حجة عليهم وروي في الخبر أن الله تعالى أخبر موسى أن قومه عبدوا العجل قال موسى يا رب من اتخذ لهم العجل قال السامري قال من جعل فيه الروح قال أنا قال فأنت فتنت قومي قال له ربه تركتهم لمرادهم وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال ليس الخبر كالمعاينة لما أخبر الله موسى بأن قومه قد عبدوا العجل لم يلق الألواح فلما عاين ألقى الألواح
ثم قال تعالى " وأخذ برأس أخيه " يعني أخذ بشعر رأسه ولحيته " يجره إليه قال ابن أم " يعني قال له هارون يا ابن أمي لا تأخذ بلحيتي قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص يا " ابن أم " بنصب الميم وقرأ الباقون بالكسر وهكذا في سورة طه فمن قرأ بالنصب جعله كاسم واحد كأنه يقول يا ابن أماه كما يقال يا ويلتاه ويا حسرتاه ومن قرأ بالكسر فهو على معنى الإضافة إلى نفسه وكان موسى أخاه لأبيه وأمه ولكن ذكر الأم ليرققه عليه
قال " إن القوم استضعفوني " يعني قهروني واستذلوني " وكادوا يقتلونني " يعني هموا بقتلي " فلا تشمت بي الأعداء " يعني لا تفرح علي أعدائي يعني الشياطين ويقال أصحاب العجل " ولا تجعلني مع القوم الظالمين " يعني لا تظنن أني رضيت بما فعلوا قال موسى " رب اغفر لي " بما فعلت بأخي هارون ويقال لإلقاء الألواح " و " اغفر " لأخي " ما كان منه من التقصير في تركهم على عبادة العجل " وأدخلنا في رحمتك " يعني جنتك " وأنت أرحم الراحمين " يعني أنت أرحم بنا منا بأنفسنا وقال الحسن يعني أنت أرحم بنا من الأبوين


الصفحة التالية
Icon