٥٧٨
" وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم " الأحقاف ١١ أما الجواب عن قولهم إنه قال " من ظهورهم " ولم يقل من ظهر آدم فالمعنى فيه والله أعلم أنه قد أخرج ذرية آدم الذين هم ولده من صلبه ثم أخرج من ظهورهم ذريتهم ثم أخرج من بعدهم حتى أخرج جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة فأخرج من ظهورهم كل نسمة تخرج من ظهر فذكر الأخذ من ظهور ذريته ولم يذكر ظهر آدم لأن في الكلام دليلا عليه كما قال الله تعالى " ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب " غافر ٤٦ ولم يذكر فرعون لأن في الكلام دليلا عليه
وأما الجواب عن قولهم إنه لا يجوز خطاب الذر فعن هذا القول جوابان أحدهما أنه يجوز أن يكونوا كالذر في الصغر ورزقهم الله تعالى من العقل ما يكونوا به من أهل الخطاب ألا ترى أن نملة سليمان بن داود عليهما السلام قد تكلمت بكلام العقلاء وفهم ذلك عنها سليمان وسبح الطير والجبال مع داود فكذلك هذا وجواب آخر أنهم كانوا كالذر في الأزدحام والكثرة لا في الخلقة والجثة ولكنهم في الخلقة مثل خلقتهم اليوم لأن الذر إذا كثرت وازدحمت لا يعرف عددها فكذلك ذرية آدم كانوا في الكثرة والازدحام مثل الذر لا في الخلقة والجثة ولكنهم في الخلقة مثل خلقتهم اليوم
والجواب عن قولهم إنه لا تكون الحجة بشيء لم يذكر أن يقال إن الله تعالى قد أرسل الرسل وأخبرهم بذلك الميثاق وإذا أخبرهم الرسل بذلك صار حجة عليهم فإن قيل إن الرسل وإن أخبروهم فإذا لم يذكروا ذلك فكيف يصير حجة عليهم قيل له وإن لم يذكروا صار قول الثقات حجة عليهم ألا ترى أن رجلا لو طلق امرأته وقد نسي فشهد عليه شاهدان عدلان بأنه قد طلقها قبل غيبته عنها يجبأن يقبل قولهما وكذلك لو صلى فشهد عنده عدلان أنه ترك ركعة من صلاته وجب عليه أن يأخذ بقولهما وإن كان لا يذكر فكذلك ههنا
والجواب عن قولهم إنه لم يقل أحييتنا ثلاث مرات لأن الإحياء المعروف مرتان فذكر الإحياء الذي كان معروفا عنده
وقوله تعالى " شهدنا " قال بعضهم هذا حكاية قول الذرية " قالوا بلى شهدنا " وتم الكلام ثم في الآية مضمر ومعناه أخذنا عليهم الميثاق لكي لا يقولوا يوم القيامة " إنا كنا عن هذا غافلين " ومن قرأ بالتاء فمعناه أخذنا عليهم الميثاق لكيلا تقولوا يوم القيامة " إنا كنا عن هذا غافلين " قال بعضهم إنما تم الكلام عند قوله " بلى " ثم إنه قال تعالى " شهدنا " يعني شهدنا عليكم وأخذنا عليكم الميثاق لكيلا يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا الميثاق غافلين " أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل " ونقضوا العهد ( وكنا ذرية من بعدهم ) لم نعلم به " أفتهلكنا بما فعل المبطلون " يعني آباؤنا المشركون فإن قيل هل كان إقرارهم


الصفحة التالية
Icon