٥٨٧
يقول جعلا لغيره شركا لأنهما لا ينكران أن الأصل لله تعالى وإنما جعلا لغيره شركا يعني نصيبا قيل له معناه " جعلا له شركاء " يعني ذا شرك فذكر الشرك والمراد به ذا شرك كقوله تعالى " وسئل القرية " يوسف ١٢ يعني أهل القرية فضرب الله تعالى بهذا مثلا للكفار يعني كما أن آدم وحواء أعطاهما الله تعالى ولدا سويا جعلا له شركا في الإسم فكذلك الكفار الله تعالى ورزقهم فأشركوا في عبادته
ثم نزه نفسه عن الشرك فقال تعالى " فتعالى الله عما يشركون " يعني هو أعلى وأجل من أن يوصف بالشرك
ثم رجع إلى قصة الكفار فقال الله تعالى " أيشركون ما لا يخلق شيئا " يعني أيشركون الآلهة مع الله تعالى وهم كفار مكة ما لا يخلق شيئا وهي الآلهة " وهم يخلقون " يعني ينحتونها ويصنعونها بأيديهم " ولا يستطيعون لهم نصرا " يعني لا يستطيعون نصرا لمن يعبدها " ولا أنفسهم ينصرون " يعني لا يستطيعون أن يمتنعوا مما نزل بهم من العذاب " وإن تدعوهم إلى الهدى " قال الكلبي يعني الآلهة أن يدع المشركون آلهتهم إلى أمر " لا يتبعوكم " يعني لا يتبعهم آلهتهم " سواء عليكم " يا أهل مكة " أدعوتموهم ثم أم أنتم صامتون " لا يعقلون شيئا لأنه ليس فيها روح وقال مقاتل " وإن تدعوهم إلى الهدى " يعني كفار مكة " لا يتبعوكم " يعني النبي ﷺ سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون فلا يؤمنون قرأ نافع " لا يتبعوكم " بجزم التاء وقرأ بالباقون بالنصب والتشديد وهما لغتان تبعته وأتبعته ومعناهما واحد
سورة الأعراف ١٩٤ - ١٩٥
ثم قال تعالى " إن الذين تدعون " يعني تعبدون " من دون الله " يعني الأصنام " عباد أمثالكم " يعني مخلوقين مملوكين أشباهكم وليسوا بآلهة " فادعوهم فليستجيبوا لكم أن كنتم صادقين " أنها آلهة
ثم قال عز وجل " ألهم أرجل يمشون بها " يعني في حوائجكم " أم لهم أيد يبطشون بها " يعني يعطون بها ويمنعون عنكم الضر " أم لهم أعين يبصرون بها " يعني عبادتكم " أن لهم آذان يسمعون بها " يعني دعاءكم وقد احتجت المشتبهة بهذه الآية أن من لا تكون له يد ولا رجل لا يصلح أن يكون إلها ولكن لا حجة لهم في ذلك لأن الله تعالى بين ضعف معبودهم وعجزه وبين أنهم اشتغلوا بشيء لا فائدة فيه ولا منفعة لهم في ذلك


الصفحة التالية
Icon