٦٨
وعلم من أدم الخدمة والطاعة ولم تعلم الملائكة بذلك وقال ابن عباس قد علم أنه سيكون من بني آدم من يسبح بحمده ويقدس له ويطيع أمره ويقال قد علم الله تعالى أنه سيكون في ولده من الأنبياء والصالحين والأبرار وذكر في الخبر أنه لما أراد الله تعالى أن يخلق آدم بعث جبريل ليجمع التراب من وجه الأرض فلما نزل جبريل وأراد أن يجمع التراب قالت له الأرض بحق الله عليك لا تفعل فإني أخشى أن يخلق من ذلك خلقا يعصي الله تعالى فأستحي من ربي فصعد جبريل وقال لو أمرني ربي بالرجوع إليها لفعلت فلما صعد بعث الله تعالى ميكائيل فتضرعت إليه الأرض بمثل ذلك فرجع ميكائيل فبعث الله تعالى عزرائيل فتضرعت إليه الأرض فقال عزرائيل أمر الله أولى من قولك فجمع التراب من وجه الأرض الطيبة والسبخة والأحمر والأصفر وغير ذلك ثم صعد إلى السماء فقال الله تعالى أما رحمت الأرض حين تضرعت إليك فقال رأيت أمرك أوجب من قولها فقال الله تعالى أن تصلح لقبض أرواح ولده فصار ذلك التراب طينا وكان طينا أربعين سنة ثم صار صلصالا كما قال في آية آخرى " خلق الإنسان من صلصال كالفخار " الرحمن ١٤ فكان إبليس إذا مر عليه مع الملائكة قال أرأيتم هذا الذي لم تروا شيئا من الخلائق يشبهه إن فضل عليكم وأمرتم بطاعته ما أنتم فاعلون فقالوا نطيع أمر ربنا فأسر إبليس في نفسه وقال لئن فضل علي لا أطيعه ولئن فضلت عليه لأهلكنه فلما سواه ونفخ فيه من روحه وعلمه أسماء الأشياء التي في الأرض يعني ألهمه
سورة البقرة آية ٣١
فذلك قوله تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها " يعني ألهمه أسماء الدواب وغيرها " ثم عرضهم على الملائكة " هكذا مكتوب في مصحف الإمام عثمان رضي الله عنه وأما مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب ففي أحدهما " ثم عرضها " وفي الآخر ( ثم عرضهن على الملائكة ) فأما من قرأها " ثم عرضهن " يعني به جماعة الدواب ومن قرأ " ثم عرضها " يعني به جميع الأسماء وأما من قرأ " ثم عرضهم " يعني به جماعة الأشخاص إذ الأشخاص تصلح أن تكون عبارة عن المذكر والمؤنث وإن اجتمع لفظ المذكر والمؤنث غلب المذكر على المؤنث
ثم قوله تعالى " فقال أنبؤوني بأسماء هؤلاء " يعني أخبروني عن أسماء هذه الأشياء التي في الأرض " إن كنتم صادقين " في قولكم " أتجعل فيها من يفسد فيها " وقال مقاتل معناه كيف تقولون فيما لم أخلق بعد أنهم يفسدون وأنتم لا تعرفون ما ترونه وتنظرون إليه