٧٠
وهو قوله تعالى " وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم " وأصل السجود في اللغة هو الميلان والخضوع والعرب تقول سجدت النخلة إذا مالت وسجدت الناقة إذا طأطأت رأسها ومالت وإنما كانت سجدة التحية لا سجدة العبادة وكانت السجدة تحية لآدم وطاعة لله تعالى " فسجدوا " كلهم " إلا إبليس " يقال إبليس أسم أعجمي ولذلك لا ينصرف وهو قول أبي عبيدة وقال غيره هو أفعيل من أبلس يبلس إذا يئس وكذا قال ابن عباس في رواية أبي صالح أنه أيئسه من رحمته وكان اسمه عزازيل ويقال عزائيل وإنما لم ينصرف لأنه لا سمي له فاستثقل وقال ابن عباس إنما سمي آدم لأنه خلقه من أديم الأرض وروي عن قطرب أنه قال هذا الخبر لا يصح لأن العربية لا توافقه ويقال هو مأخوذ من الأدمة وهو الذي يكون في لونه سمرة " إلا إبليس أبى وأستكبر " يعني امتنع عن السجود تكبرا معناه أن كبره منعه من السجود
وقوله تعالى " وكان من الكافرين " قال بعضهم وصار من الكافرين كما قال في آية أخرى " فكان من المغرقين " هود ٤٣ يعني صار من المغرقين ويقال " كان من الكافرين " في علم الله معناه كان في علم الله تعالى أنه يكفر وقال بعضهم بظاهر الآية وقال كان كافرا في الأصل وهو قول أهل الجبر وقالوا كل كافر أسلم فقد ظهر أنه كان مسلما في الأصل وكل مسلم كفر ظهر أنه كان كافرا في الأصل لأنه كان كافرا يوم الميثاق ألا ترى أن الله تعالى قال في قصة بلقيس " إنها كانت من قوم كافرين " النمل ٤٣ ولم يقل إنها كانت كافرة وقال في قصة إبليس " وكان من الكافرين " وقال أهل السنة والجماعة الكافر إذا أسلم كان كافرا إلى وقت إسلامه وإنما صار مسلما بإسلامه إلا انه غفر له ما قد سلف والمسلم إذا كفر كان مسلما إلى ذلك الوقت إلا أنه حبط عمله
سورة البقرة آية ٣٥
قوله تعالى " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " قال ابن عباس رضي الله عنه أنه قال أمر الله تعالى ملائكته أن يحملوا آدم على سرير من ذهب إلى السماء فأدخلوه الجنة ثم خلق منه زوجه حواء يعني من ضلعه الأيسر وكان آدم بين النائم واليقظان وقال ابن عباس رضي الله عنه سميت حواء لأنها خلقت من الحي ويقال إنما سميت حواء لأنه كان في