٨٤
ثم قال تعالى " قد علم كل أناس مشربهم " أي قد عرف كل سبط مشربهم أي موضع شربهم من العيون لا يخالطهم فيها غيرهم والحكمة في ذلك أن الأسباط كانت بينهم عصبية ومباهاة وكل سبط منهم لا يتزوج من سبط آخر وأراد كل سبط تكثير نفسه فجعل لكل سبط منهم نهرا على حدة يستقون منه ويسقون دوابهم لكيلا يقع بينهم جدال ومخاصمة ويقال كان الحجر من الجنة ويقال رفعه موسى من أسفل البحر حيث مر فيه مع قومه ويقال كان حجرا من أحجار الأرض
قوله تعالى " كلوا واشربوا من رزق الله " يعني قيل لهم كلوا من المن والسلوى واشربوا من ماء العيون
وقوله تعالى " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " يعني لا تعملوا في الأرض بالمعاصي يقال عثا يعثو عثوا إذا أظهر الفساد وعثي يعثى عثيا وعاث يعيث عيوثا ومعاثا ثم أجمعوا من المن والسلوى
سورة البقرة آية ٦١
قوله تعالى " وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد " يعني من جنس واحد " فادع لنا ربك " يعني سل لنا ربك " يخرج لنا مما تنبت الأرض " يعني مما تخرج الأرض " من بقلها وقثائها " وقوله " بقلها " أراد به البقول كلها وقوله " وقثائها " أراد به جميع ما يخرج من الفاكهة نحو القثاء والبطيخ ونحو ذلك وقوله " وفومها " يعني طعامها وهي الحبوب كلها ويقال هي الحنطة خاصة وقال مجاهد الفوم الخبز وقال الفراء فومي لنا يا جارية يعني اخبزي لنا ويقال الفوم هو الثوم والعرب تبدل الفاء بالثاء لقرب مخرجيهما وفي قراءة عبد الله بن مسعود " وثومها وعدسها وبصلها "
فغضب عليهم موسى و " قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير " يعني أتستبدلون الردئ من الطعام بالذي هو خير يعني بالشريف الأعلى ويقال معناه تسألون الدنيء من الطعام وقد أعطاكم الله الشريف منه وهو المن والسلوى ويقال أتختارون الدنيء الخسيس وهو الثوم والبصل على الذي هو أعلى وأشرف وهو المن والسلوى فقال لهم " اهبطوا مصرا " قرأ أبي بن كعب وابن مسعود رضي الله عنهما بلا تنوين يعني مصر الذي خرجتم منه وهو مصر فرعون ومن قرأ " مصرا " بالتنوين يعني ادخلوا مصرا من الأمصار " فإن لكم " فيه " ما سألتم " تزرعون وتحصدون