٩٢
ذلك ) قد قيل من بعد إحياء الميت ويحتمل بعد الآيات التي ذكرت نحو مسخ القردة والخنازير ورفع الجبل وتفجير الأنهار من الحجر وغير ذلك وقال بعض الحكماء يعني قوله " ثم قست قلوبكم " يعني يبست ويبس القلب ان ييبس عن ماءين أحدهما ماء خشية الله والثاني ماء شفقة الخلق
ثم قال تعالى " فهم كالحجارة " وكل قلب لا يكون فيه خشية الله تعالى ولا شفقة الخلق فهو كالحجارة
وقوله تعالى " أو أشد قسوة " قال بعضهم بل أشد قسوة مثل قوله " إلى مائة ألف أو يزيدون " الصافات ١٤٧ بمعنى بل يزيدون وكقوله " كلمح البصر أو هو أقرب " النحل ٧٧ أي بل هو أقرب وكقوله " قاب قوسين أو أدنى " أي بل هو أدنى وقال بعضهم معناه وأشد قسوة والألف زائدة وقال الزجاج " أو " للتخيير يعني أن شئتم شبهتم قسوتها بالحجارة أو بما هو أشد قسوة فأنتم مصيبون كقوله عز وجل " أو كصيب من السماء " البقرة ١٩ ثم قال " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار " يعني الحجر الذي تخرج منه العيون في الجبل فأعذر الحجارة وعاب قلوبهم بقساوتها حين لم تلن بذكر الله ولا بالمواعظ فقال " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار " يعني الحجر الذي تخرج منه العيون في ا لجبل ويقال أراد به حجر موسى عليه السلام الذي كان يخرج منه العيون
قوله تعالى " وإن منها لما يشقق " يعني من الحجارة ما يتصدع " فيخرج منا الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله " ويقال كل حجر يتردى من رأس الجبل إلى الأرض فهو من خشية الله ويقال أراد به الجبل الذي صار دكا حين كلم الله موسى عليه السلام ويقال هو جميع الجبال مما زال الحجر من مكانه وقال بعضهم هو على وجه المثل يعني لو كان له عقل لهبط من خشية الله تعالى وهو قول المعتزلة وهو خلاف أقاويل أهل التفسير
قوله تعالى " وما الله بغافل عما تعملون " قرأ ابن كثير وابن عامر " يعملون " بالياء والباقون بالتاء واختلفوا في مواضع أخرى قرأ حمزة والكسائي في كل موضع " وما ربك بغافل عما يعملون " بالياء وفي كل موضع " وما ربك بغافل عما تعملون " هود١٢٣ بالتاء واختلفت الروايات عن غيرهما وهذا كلام التهديد يعني أن الله تعالى يجازيكم بما تعملون فيحذرهم بذلك
ثم ذكر التعزية للنبي ﷺ لكيلا يحزن على تكذيبهم إياه وأخبره أنهم من أهل السوء الذين مضوا فقال تعالى " أفتطمعون أن يؤمنوا لكم " قال ابن عباس يعني به النبي ﷺ خاصة وقال بعضهم أراد به النبي ﷺ وأصحابه أفتطمعون أن يصدقوكم " وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله " فإن أراد به النبي ﷺ خاصة فمعناه أفتطمع أن يصدقوك وقد يذكر لفظ الجماعة ويراد به الواحد