٩٧
الصلاة ويؤتوا الزكاة ولا يسفكوا دماءهم ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم وأن يفادوا أسراهم فذكر المفاداة بعد هذا حيث قال تعالى " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " تفدوهم على وجه التقديم والتأخير
قوله تعالى " ثم أقررتم وأنتم تشهدون " يعني بني قريظة والنضير يعني أقررتم بهذا كله وأنتم تشهدون ان هذا في التوراة فنقضوا العهد فعيرهم الله تعالى بذلك فقال تعالى " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم " يعني أنتم يا هؤلاء ويقال معناه ثم أنتم هؤلاء يا معشر اليهود " تقتلون أنفسكم " أي يقتل بعضكم بعضا " وتخرجون فريقا منكم من ديارهم " يعني بعضكم بعضا لأنه كان بين الأوس والخزرج عداوة وكان قريظة وبنو النضير إحدى القبيلتين كانت معينة للأوس والأخرى كانت معينة للخزرج فإذا غلبت إحداهما على الأخرى كانت تقتلهم وتخرجهم من ديارهم وفي الآية دليل أن الإخراج من الدار ينزل منزلة القتل لأن الله تعالى قرن الإخراج من الديار بالقتل حيث قال تعالى " تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم "
وقوله " تظاهرون عليهم " قرأ أهل الكوفة وحمزة وعاصم والكسائي بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد " تظاهرون " لأن أصله تتظاهرون فأدغم إحدى التاءين في الظاء وأقيم التشديد مقامه معناه تتعاونون عليهم " بالإثم والعدوان " يعني بالمعصية والظلم قال الزجاج العدوان هو الإفراط في الظلم " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " قرأ عاصم والكسائي ونافع " أسارى تفادوهم " كلاهما بالألف وقرأ حمزة " أسرى تفدوهم " بغير ألف فيهما وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر " أسارى تفدوهم " الأول بالألف والثاني بغير ألف وهذا من الميثاق الذي أخذ عليهم بأن يفادوا الأسارى
وقوله تعالى " وهو محرم عليكم إخراجهم " هذا انصرف إلى ما سبق ذكره من الإخراج فكأنه يقول وتخرجون فريقا منكم من ديارهم وهو محرم عليكم يعني ذلك الإخراج كان محرما ثم بين الإخراج مرة أخرى لتراخي الكلام فقال " وهو محرم عليكم إخراجهم "
ثم قال " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " لأنهم كانوا إذا أسروا من غيرهم قتلوا الأسرى ولا يفادوهم وإن أسر منهم أحد يأخذوهم بالفداء فهذا معنى قوله تعالى " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض "
ثم قال " فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا " يعني عقوبة من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا وهو إخراج بني النضير إلى الشام وقتل بني قريظة وقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم ثم أخبر أن الذي أصابهم في الدنيا من الخزي والعقوبة لم يكن كفارة لذنوبهم ولكنهم " ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب " ويقال الخزي في الدنيا الجزية