٩٩
" وقالوا قلوبنا فى أكنة " فصلت٥ وأما من قرأ " غلف " فهو جماعة الغلاف على ميزان حمار وحمر يعنون أن قلوبنا أوعية لكل علم ولا نفقه حديثك فلو كنت نبيا لفهمنا قولك
قال الله تعالى ردا لقولهم " بل لعنهم الله بكفرهم " يعني خذلهم الله وطردهم مجازاة لكفرهم " فقليلا ما يؤمنون " صار نصبا لأنه قدم المفعول وقال بعضهم معناه لا يؤمنون إلا القليل منهم مثل عبد الله بن سلام وأصحابه وقال بعضهم إيمانهم بالله قليل لأنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض وقال بعضهم معناه أنهم لا يؤمنون كما قال فلان قليل الخير يعني لا خير فيه
ثم قال تعالى " ولما جاءهم كتاب من عند الله " يعني القرآن " مصدق لما معهم " يعني موافقا للتوراة في التوحيد وفي بعض الشرائع ويقال " مصدق لما معهم " يعني يدعوهم إلى تصديق ما معهم لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بالتوراة " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا " يعني من قبل مجيء محمد ﷺ كانوا يستنصرون على المشركين لأن بني قريظة والنضير قد وجدوا نعت محمد ﷺ في كتبهم فخرجوا من الشام إلى المدينة ونزلوا بقربها ينتظرون خروجه وكانوا إذا قاتلوا من يليهم من مشركي العرب يستفتحون عليهم أي يستنصرون ويقولون اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك وبكتابك الذي تنزل عليه الذي وعدتنا وكانوا يرجون أن يكون منهم فنصروا على عدوهم فذلك قوله تعالى " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا " يعني باسم النبي ﷺ " فلما جاءهم ما عرفوا " يعني عرفوا محمدا ﷺ وعرفوه " كفروا به " وغيروا صفته مخافة أن تزول عنهم منفعة الدنيا
قال تعالى " فلعنة الله على الكافرين " يعني سخط الله وعذابه على الجاحدين بمحمد صلى الله عليه وسلم
ثم قال عز وجل " بئسما اشتروا به أنفسهم " قال الكلبي بئس ما باعوا به أنفسهم من الهدايا بكتمان صفة محمد ﷺ ويقال بئس ما صنعوا بأنفسهم حيث كفروا بما أنزل الله عليهم بعد ما كانوا خرجوا من الشام على أن ينصروا محمدا ﷺ وكفروا به حسدا منهم فذلك قوله " أن يكفروا بما أنزل الله بغيا بينهم " يعني حسدا منهم
ومعنى قوله تعالى " أن ينزل الله " يعني كفروا مما ينزل الله تعالى " من فضله " يعني لم يؤمنوا لأجل أن الله تعالى ينزل من فضله النبوة والكتاب " على من يشاء من عباده " من كان أهلا لذلك وهو محمد ﷺ " فباؤوا بغضب على غضب " يعني استوجبوا اللعنة على إثر اللعنة قال مقاتل الغضب الأول حين كفروا بعيسى عليه السلام واستوجبوا الغضب الآخر حين كفروا بمحمد ﷺ ويقال الغضب الأول حين
عبدوا العجل والغضب الثاني حين استحلوا السمك في يوم السبت قرأ ابن كثير وأبو عمرو " أن ينزل الله " بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد وأنزل ينزل ونزل ينزل معناهما واحد


الصفحة التالية
Icon