١٠٤
فقال " فاعبدوه " يعني وحدوه وأطيعوه " أفلا تذكرون " يعني أفلا تتعظون بالقرآن ويقال أفلا تتعظون بأن لا تعبدوا من لا يملك شيئا وتعبدون من يملك الدنيا وما فيها قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " تذكرون " بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد لأن أصله تتذكرون فأدغم إحدى التاءين في الذال وأقيم التشديد مقامه
ثم خوفهم فقال " إليه مرجعكم جميعا " يعني مرجع الخلائق كلهم يوم القيامة " وعد الله حقا " يعني البعث كائنا وصدقا وقال الزجاج " وعد الله " صار نصبا على معنى وعدكم الله وعدا لأن قوله " إليه مرجعكم " معناه الوعد بالرجوع إليه " إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده " قال أهل اللغة الياء صلة ومعناه إنه بدأ الخلق ثم يعيده يعني خلق الخلق في الدنيا ثم يحييهم بعد الموت يوم القيامة " ليجزي الذين آمنوا " يعني لكي يثبت الذين آمنوا بالبعث بعد الموت " وعملوا الصالحات بالقسط " يعني عملوا الطاعات بالعدل وقال الضحاك يعني الذين قاموا بالعدل وأقاموا على توحيده يعطيهم من رياض الجنة حتى يرضوا " والذين كفروا " يعني ويجزي الذين كفروا
ثم بين جزاءهم فقال تعالى " لهم شراب من حميم " يعني ماء حارا قد إنتهى حره " وعذاب أليم بما كانوا يكفرون " يعني يجحدون بالرسالة والكتاب
ثم ذكرهم النعم لكي يستحيوا منه ولا يعبدوا غيره فقال تعالى " هو الذي جعل الشمس ضياء " بالنهار " والقمر نورا " بالليل ويقال جعل الشمس ضياء مع الحر والقمر نورا بلا حر " وقدره منازل " يعني جعل الليل والنهار منازل يزيد أحدهما وينقص الآخر ولا يجاوزان المقدار الذي قدره ويقال " قدره " يعني القمر " منازل " كل ليلة بمنزلة من النجوم وهي ثمانية وعشرون منزلا في كل شهر وهذا كقوله " والقمر قدرناه منازل " [ يس : ٣٩ ] " لتعلموا عدد السنين والحساب " يعني لتعلموا بالقمر حساب السنين والشهور كقوله تعالى " يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس " [ البقرة : ١٨٩ ]
ثم قال ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) يعني لتعلموا عدد السنين والحساب ولتعتبروا وتعلموا أن له خالقا ومدبرا وهو قادر على أن يحيي الموتى ثم قال " يفصل الآيات " يعني يبين العلامات يعني علامة وحدانيته " لقوم يعلمون " يعني لمن كان له عقل وذهن وتمييز قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص " يفصل الآيات " بالياء وقرأ الباقون بالنون ومعناهما قريب
سورة يونس ٦ - ١٠


الصفحة التالية
Icon