١٨٧
هو كائن " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " يعني أهل مصر ويقال يعني أهل مكة لا يعلمون أن الله تعالى غالب على أمره
قوله تعالى " ولما بلغ أشده " يعني يوسف تمت قوة نفسه وعقله ويقال بلغ مبلغ الرجال ويقال الأشد بلوغ ثلاثين سنة وقال الضحاك يعني بلغ ثلاثا ثلاثين سنة ويقال الأشد ما بين ثمانية عشرة سنة إلى ثلاثين سنة ويقال إلى ست وثلاثين سنة ويقال من خمسة عشر إلى ثمان وثلاثين سنة " آتيناه حكما وعلما " يقول أكرمناه بالنبوة والعلم والفهم والفقه فجعلناه حكيما وعليما " وكذلك نجزي المحسنين " يعني هكذا نكافىء من أحسن ويقال هكذا نجزي المخلصين في العمل بالفهم والعلم
سورة يوسف ٢٣ - ٢٤
قوله تعالى " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه " يعني راودته عما أرادت عليه مما تريد النساء من الرجال فعلم بذلك ذكر الفاحشة الذي راودته عليه ومعناه طلبت إليه أن يمكنها من نفسه يعني إمرأة العزيز وإسمها زليخا " وغلقت الأبواب " عليها وعلى يوسف وجعلت تغمزه وتمازحه ويوسف يعظها بالله ويزجرها
وروي عن إبن عباس أنه قال كان يوسف إذا تبسم رئيت النور في ضواحكه وإذا تكلم رأيت شعاع النور في كلامه يذهب من بين يديه ولا يستطيع آدمي أن ينعت نعته فقالت له يا يوسف ما أحسن عينيك قال هما أول شيء يسيلان إلى الأرض من جسدي ثم قالت يا يوسف ما أحسن ديباج وجهك قال هو للتراب يأكله ثم قالت يا يوسف ما أحسن شعرك قال هو أول ما ينتثر من جسدي " وقالت " يا يوسف " هيت لك " قرأ حمزة والكسائي وعاصم " هيت لك " بنصب الهاء والتاء بمعنى أقبل ويقال هلم إلي والعرب تقول هيت فلان لفلان إذا دعاه وصاح به وهكذا قرأ إبن مسعود وإبن عباس والحسن وقرأ إبن عامر في رواية هشام " هئت " بكسر الهاء وبالهمز وضم التاء بمعنى تهيأت لك وقرأ إبن كثير " هيت " لك بنصب الهاء وضم التاء ومعناه أنا لك وأنا فداؤك وقرأ نافع وإبن عامر في إحدى الروايتين " هيت " بكسر الهاء ونصب التاء بغير همز " قال معاذ الله " قال يوسف أعوذ بالله أن أعصيه وأخونه " إنه ربي أحسن مثواي " يعني إنه سيدي الذي إشتراني أحسن إكرامي فلم أكن لأفعل بإمرأته ذلك " إنه لا يفلح الظالمون " يعني لا ينجو الزناة من عذاب الله تعالى وفي هذه الآية دليل أن معرفة الإحسان واجب لأن يوسف إمتنع عنها لأجل شيئين لأجل المعصية والظلم ولأجل إحسان الزوج إليه


الصفحة التالية
Icon