١٩١
أعظمن شأنه وتحيرن وبقين مدهوشات طائرة عقولهن " وقطعن أيديهن " يقول حززن وخدشن أيديهن بالسكين ولم يشعرن بذلك " وقلن حاش لله " يعني معاذ الله " ما هذا بشرا " قرأ بعضهم بالرفع " ما هذا بشر " وقرأ بعضهم " ما هذا ببشر " يعني مثل هذا لا يكون بشرا وقراءة العامة " ما هذا بشرا " بنصب الراء والتنوين لأنه خبر ما ولأنه صار نصبا لنزع الخافض ومعناه " ما هذا بشرا " يعني مثل هذا لا يكون آدميا " إن هذا إلا ملك كريم " يعني على ربه فإن قيل إنهن لم يرين الملك فكيف شبهنه بشيء لم يرينه قيل له لأن المعروف عند الناس أنهم إذا وصفوا أحدا بالحسن يقولون هذا يشبه الملك كما أنهم إذا وصفوا أحدا بالقبح يقولون هو كالشيطان وإن لم يروا الشيطان
قرأ أبو عمرو " حاشا لله " بالألف وقرأ الباقون بغير ألف وكذلك الذي بعده " قالت " زليخا للنسوة " فذلكن الذي لمتنني فيه " يقول عذلتني فيه وعبتني فيه فهل عذرتنني فقلن لها أنت معذورة قالت " ولقد راودته عن نفسه " يعني طلبت إليه أن يمكنني من نفسه " فاستعصم " أي فامتنع بنفسه مني " ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن " يعني أحبسه في السجن " وليكونا من الصاغرين " يعني من المهانين بالسجن ويقال من المذلين وقرأ بعضهم " ليكونن " بتشديد النون وهذا خلاف مصحف الإمام وقراءة العامة " وليكونا " لأن النون الخفيفة تبدل منها في الوقف بالألف
" قال " يوسف " رب " يقول يا سيدي " السجن أحب إلي مما يدعونني " النسوة " إليه " من العمل القبيح قرأ بعضهم " قال رب السجن " بنصب السين على معنى المصدر يقال سجنته سجنا وهي قراءة شاذة وقراءة العامة الكسر يعني نزول بيت السجن أحب إلي مما يدعونني إليه يعني به إمرأة العزيز خاصة ويقال أراد به النسوة اللاتي حضرن هناك لأنهن قلن له أطع مولاتك ولا تخالفها فإن لها عليك حقا وقد إشترتك بمالها وهي تحسن إليك وتحبك وتطلب هواك فقال " رب السجن أحب إلي " وقال بعض الحكماء لو أنه قال رب العافية أحب إلي لعافاه الله تعالى ولكن لما نجا بدينه لم يبال بما أصابه في الله
ثم قال " وإلا تصرف عني كيدهن " يعني إذا لم تصرف عني عملهن وشرهن " أصب إليهن " أي أمل إليهن " وأكن من الجاهلين " يعني من المذنبين
سورة يوسف ٣٤ - ٣٥
قوله تعالى " فاستجاب له ربه " فيما دعاه يوسف " فصرف عنه كيدهن " يعني فعلهن وشرهن " إنه هو السميع العليم " يسمع لمن دعاه ويقال " السميع " للدعاء فيما دعاه يوسف " العليم " به


الصفحة التالية
Icon