٢٠٦
روبيل فقال أيها الملك والله لتتركنا أو لأصيحن صيحة لا تبقى إمرأة حامل إلا ألقت ما في بطنها وقامت كل شعرة في جسده فخرجت من ثيابه وقال إبن عباس كان يهوذا إذا غضب وصاح لم تسمع صوته إمرأة حامل إلا وضعت حملها وتقوم كل شعرة في جسده فلا يسكن حتى يضع بعض آل يعقوب يده عليه فيسكن فقال يوسف لإبن له صغير إذهب وضع يدك عليه فذهب ووضع يده عليه فسكن غضبه فقال إن في هذا الدار أحدا من آل يعقوب
ثم قال لإخوته " إرجعوا إلى أبيكم " يعني قال يهوذا " فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق " أي سرق الصواع يعني إناء الملك وروي عن إبن عباس أنه كان يقرأ " إن إبنك سرق " بضم السين وكسر الراء مع التشديد يعني إتهم بالسرقة " وما شهدنا إلا بما علمنا " أي وما قلنا إلا ما رأينا حين أخرج من رحله " وما كنا للغيب حافظين " يعني وما كنا نرى أنه سرق ولو علمنا ما ذهبنا به ويقال إنا لم نطلع على أنه سرق ولكنهم سرقوه
سورة يوسف ٨٢ - ٨٤
قوله تعالى " واسأل القرية التي كنا فيها " يعني سل أهل القرية قال الكلبي وهي قرية من قرى مصر ويقال هي مصر بعينها ويقال هو المنزل الذي أذن المؤذن فيه إنكم لسارقون " والعير التي أقبلنا فيها " يعني سل أهل العير الذين كانوا معنا من أرض كنعان " وإنا لصادقون " في قولنا فرجعوا إلى يعقوب بذلك القول فاتهمهم يعقوب فقال كلما خرجتم من عندي نقصتم واحدا ذهبتم مرة فنقصتم يوسف وذهبتم مرة فنقصتم شمعون وذهبتم الآن ونقصتم بنيامين فقد صرتم كالذئاب يأكل بعضهم بعضا
ثم قال تعالى " قال بل سولت لكم أنفسهم أمرا " يعني قال يعقوب إشتهت وزينت لكم قلوبكم " أمرا " فصنعتموه " فصبر جميل " يعني علي صبر جميل حسن من غير جزع لا أشكو فيه إلى أحد " عسى الله أن يأتيني بهم جميعا " يعني لعل الله أن يرد علي يوسف ويهوذا وبنيامين " إنه هو العليم " بمكانهم " الحكيم " أن يحكم بردهم علي
قوله تعالى " وتولى عنهم " يعني أعرض عن بنيه وخرج عنهم " وقال يا أسفى على يوسف " يعني يا حزنا على يوسف والأسف أشد الحسرة " وابيضت عيناه من الحزن " يعني من البكاء " فهو كظيم " يعني مغموما مكروبا يتردد الحزن في جوفه والكظيم والكاظم بمعنى واحد مثل القدير والقادر وهو الممسك على حزنه لا يظهره ولا يشكوه وروي عن الحسن أنه قال مكث يعقوب ثمانين سنة ما تجف دموعه ولا يفارق قلبه الحزن يوما وما كان على الأرض يومئذ أحد أكرم على الله منه قال وألقي يوسف في الجب وهو


الصفحة التالية
Icon