٢٣٦
ومن رزق الصبر لم يحرم الثواب لقوله تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " [ الزمر : ١٠ ] ومن رزق التوبة لم يحرم القبول لقوله تعالى " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " [ الشورى : ٢٥ ] ومن رزق الإستغفار لم يحرم المغفرة لقوله تعالى " إستغفروا ربكم إنه كان غفارا " [ نوح : ١٠ ] ومن رزق الدعاء لم يحرم الإجابة لقوله تعالى " أدعوني أستجب لكم " [ غافر : ٦٠ ] ومن رزق النفقة لم يحرم الخلف لقوله تعالى " وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه " [ سبأ : ٣٩ ]
قوله تعالى " وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا " يعني إن جحدتم نعمة الله ولم تؤمنوا به " فإن الله لغني " يعني غنيا عن إيمانكم وطاعتكم " حميد " لمن عبده منكم بالمغفرة
سورة إبراهيم ٩
قوله تعالى " ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم " يقول ألم يأتكم في القرآن خبر الذين من قبلكم من الأمم الماضية كيف عذبهم الله تعالى عند تكذيب رسلهم " قوم نوح " كيف أهلكهم الله بالغرق " وعاد " كيف أهلكهم الله بالريح " وثمود " كيف أهلكهم بالصيحة فهذا تهديد لأهل مكة ليعتبروا بهم
قوله تعالى " والذين من بعدهم " كيف عذبوا " لا يعلمهم إلا الله " يعني لا يعلم عددهم إلا الله قال إبن مسعود كذب النسابون وقرأ هذه الآية " والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله " " جاءتهم رسلهم بالبينات " يعني الأمم الخالية جاءتهم رسلهم بالأمر والنهي " فردوا أيديهم في أفواههم " قال مقاتل وضع الكفار أيديهم على أفواههم فقالوا للرسل إسكتوا فإنكم كذبة وإن العذاب غير نازل بنا وروى هبيرة بن يزيد عن عبد الله بن مسعود في قوله " فردوا أيديهم في أفواههم " قال جعلوا أصابعهم في فيهم وقال القتبي أي عضوا عليها حنقا وغيظا
قال مجاهد وقتادة يعني ردوا عليهم قولهم وكذبوهم ويقال " فردوا أيديهم " يعني نعم رسلهم لأن مجيئهم بالبينات نعم يعني قوله " في أفواههم " أي بأفواههم أي ردوا تلك النعمة بالنطق بالتكذيب " وقالوا إنا كفرنا " فهذا هو ردهم " بما أرسلتم به " يعني بما تدعونا إليه " وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب " وهو المبالغة في الشك يعني ظاهر الشك
سورة إبراهيم ١٠ - ١٢
قوله تعالى " قالت رسلهم أفي الله شك " يقول أفي وحدانية الله شك وعلامات وحدانيته ظاهرة هو قوله " فاطر السموات والأرض " يعني أتشكون في الله خالق السموات والأرض " يدعوكم ليغفر لكم " يعني يدعوكم إلى الإقرار بوحدانية الله تعالى ليتجاوز عنكم " من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى " يعني منتهى آجالكم فلا يصيبكم فيه العذاب فأجابهم قومهم " قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا " يقول ما أنتم إلا آدميون مثلنا لا فضل لكم علينا بشيء "
تريدون أن تصدونا " أي تصرفونا " عما كان يعبد آباؤنا " من الآلهة " فأتونا بسلطان مبين " يعني بحجة بينة
" قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم " يقول ما نحن إلا آدميون مثلكم كما تقولون " ولكن الله يمن على من يشاء من عباده " ويختاره للنبوة " وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان " جوابا لقولهم " فأتونا بسلطان مبين " يعني لا ينبغي أن نأتيكم بسلطان " إلا بإذن الله " لأن الأمر بيد الله تعالى " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " يعني على المؤمنين أن يتوكلوا على الله
قوله " وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا " يعني وفقنا لطريق الإسلام ويقال أكرمنا بالنبوة " ولنصبرن على ما آذيتمونا على الله فليتوكل المتوكلون " أي فليثق الواثقون
سورة إبراهيم ١٣ - ١٤
قوله تعالى " وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا " يقول لتدخلن في ديننا فهذا كله تعزية للنبي ﷺ ليصبر على أذى المشركين كما صبر من قبله من الرسل " فأوحى إليهم ربهم " يقول أوحى الله تعالى إلى الرسل " لنهلكن الظالمين " فهذا لام القسم ويراد به التأكيد للكلام أن يهلك الكافرين من قومهم " ولنسكننكم الأرض من بعدهم " يقول لننزلنكم في الأرض من بعد هلاكهم فأهلك الله تعالى قومهم فسكن الرسل ومن معهم من المؤمنين ديارهم " ذلك لمن خاف مقامي " يقول ذلك الثواب " لمن خاف مقامي " يعني مقامه يوم القيامة بين يدي رب العالمين
وروي عن أبي بن كعب أنه قال يقومون ثلاثمائة عام لا يؤذن لهم فيقعدون أما المؤمنون فيهون عليهم كما تهون عليهم الصلاة المكتوبة وروي عن منصور عن خيثمة أنه


الصفحة التالية
Icon