٢٩٥
عليهم سنين كسني يوسف فاستجاب الله دعاءه فوقع القحط والجدوبة حتى اضطروا إلى أكل الميتة والكلاب قال القتبي أصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الإبتلاء والإختبار " فأذاقها الله لباس الجوع والخوف " أي إبتلاهم الله بالجوع والخوف وظهر عليهم من سوء آثارهم وتغير الحال عليهم
قوله عز وجل " ولقد جاءهم رسول منهم " أي محمد ﷺ " فكذبوه فأخذهم العذاب " أي الجوع " وهم ظالمون " أي كافرون ثم إن أهل مكة بعثوا أبا سفيان بن حرب إلى النبي ﷺ فقال يا رسول الله ما هذا البلاء هبك عاديت الرجال فما بال الصبيان والنساء فأذن رسول الله ﷺ بأن يحمل إليهم الطعام فحمل إليهم الطعام ولم يقطع عنهم وهم مشركون
ثم قال " فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا " أي من الحرث والأنعام " حلالا طيبا " وهم خزاعة وثقيف " واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون " يعني إن كنتم تريدون بذلك وجه الله ورضاء الله وعبادته فإن رضاه أن تستحلوا ما أحل الله وتحرموا ما حرم الله
سورة النحل ١١٥ - ١١٧
ثم بين المحرمات فقال تعالى " إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به " أي ذبح بغير اسم الله " فمن اضطر " أي أجهد إلى شيء مما حرم الله عليه " غير باغ ولا عاد " في أكله أي لا يأكل فوق حاجته ويقال غير مفارق الجماعة " فإن الله غفور " فيما أكل " رحيم " حين رخص له في أكل الميتة عند الاضطرارا
ثم قال " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب " أي لا تقولوا يا أهل مكة فيما أحللت لكم " هذا حلال " على الرجال " وهذا حرام " على النساء ويقال في الآية تنبيه للقضاة والمفتين كي لا يقولوا قولا بغير حجة وبيان
ثم قال " لتفتروا على الله الكذب " أي بتحريم البحيرة والسائبة " إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " أي لا يفوزون ولا ينجون من العذاب " متاع قليل " أي عيشهم في الدنيا قليل " ولهم عذاب أليم " في الآخرة
سورة النحل ١١٨ - ١١٩