٣٠٣
" حصيرا " أي حبيسا أخذ من قوله حصرت الرجل إذا حبسته وهو محصور والحصير المنسوج وإنما سمي " حصيرا " لأنه حصرت طاقاته بعضها فوق بعض
سورة الإسراء ٩ - ١٢
ثم قال " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " أي يدعو ويدل ويرشد إلى التي هي " أقوم " وهو توحيد وشهادة أن لا إله إلا الله والإيمان برسول الله والعمل بطاعة الله هذه صفة الحال التي هي أقوم " ويبشر المؤمنين " يعني القرآن بشارة للمؤمنين " الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا " في الجنة " وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة " أي لا يصدقون بالبعث " أعتدنا لهم " أي هيأنا لهم " عذابا أليما " أي وجيعا قرأ حمزة والكسائي " ويبشر المؤمنين " بنصب الياء وجزم الباء والتخفيف وقرأ الباقون " ويبشر " برفع الياء والتشديد
قوله " ويدع الإنسان بالشر " وأصله في اللغة ويدعو بالواو إلا أن الواو والألف حذفت في الكتابة لأن الضمة تقوم مقامها مثل قوله " سندع الزبانية " [ العلق : ١٨ ] وأصله سندعو أي يدعو الإنسان باللعن على نفسه وأهله وولده وماله وخدمه " دعاءه بالخير " أي دعاءه بالرزق والعافية والرحمة وما يستجاب له فلو استجيب له إذا دعاه باللعن كما يجاب له بالخير لهلك ويقال نزلت في النضر بن الحارث حيث قال " فأمطر علينا حجارة من السماء " [ الأنفال : ٣٢ ] " وكان الإنسان عجولا " يعني إن آدم عجل بالقيام قبل أن تتم فيه الروح وكذلك النضر بن الحارث استعجل بالدعاء على نفسه وهو يستعجل العذاب ويروي الحكم عن إبراهيم عن سلمان أنه قال لما خلق الله تعالى آدم بدأ بأعلاه قبل أسفله فجعل آدم ينظر وهو يخلق فلما كان بعد العصر قال يا رب عجل قبل الليل فذلك قوله " وكان الإنسان عجولا " قال ابن عباس لما جعل فيه الروح فإذا جاوز عن نصفه أراد أن يقوم فسقط فلذلك قيل له لا تعجل فذلك قوله " وكان الإنسان عجولا "
قوله عز وجل " وجعلنا الليل والنهار آيتين " أي خلقنا الشمس والقمر علامتين يدلان على أن خالقهما واحد " فمحونا آية الليل " أي ضوء القمر وهو السواد الذي في جوف القمر وقال محمد بن كعب القرظي كانت شمس بالليل وشمس بالنهار فمحيت شمس الليل وقال ابن عباس كان في الزمان الأول لا يعرف الليل من النهار فبعث الله جبريل فمسح جناحه بالقمر فذهب ضوؤه وبقي علامة جناحه وهو السواد الذي في القمر فذلك


الصفحة التالية
Icon