٣٠٧
وقرأ الباقون " يبلغن " بلفظ الوحدان لأنه انصرف إلى قوله " أحدهما " يعني إن يبلغ الكبر " أحدهما أو كلاهما " يعني إن بلغ أحد الأبوين عندك الهرم أو كلا الأبوين " فلا تقل لهما أف " أي لا تقذرهما ولا تقل لهما " أف " قولا رديئا عند خروج الغائط منهما إذا إحتاجا إلى معالجتهما عند ذلك
قال الفقيه حدثنا أبو عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا فارس بن مردويه قال حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا أصرم عن عيسى بن عبد الله الأشعري عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال قال رسول الله ﷺ لو علم الله شيئا من العقوق أعظم من أف لحرمه فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار وقال مجاهد إذا كبرا فلا تأف لهما لأنهما قد رأيا منك مثل ذلك وقال القتبي " لا تقل لهما أف " بكسر وبفتح وبضم وهو ما غلظ من الكلام يعني لا تستثقل شيئا من كلامها ولا تغلظ لهما القول قرأ إبن كثير وإبن عامر " أف " بنصب الفاء وقرأ نافع وعاصم في رواية حفص " أف " بكسر الفاء مع التنوين وقرأ الباقون " أف " بكسر الفاء بغير تنوين ومعنى ذلك كله واحد " ولا تنهرهما " يقول لا تغلظ عليهما القول " وقل لهما قولا كريما " أي لينا حسنا
قوله " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " أي كن ذليلا رحيما عليهما وروى هشام عن عروة عن أبيه في قوله " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " قال يكون لهما ذليلا ولا يمتنع من شيء أحباه وقال عطاء جناحك يداك لا ينبغي أن ترفع يديك على والديك ولا ينبغي لك أن تحد بصرك إليهما تغيظا وروي عن النبي ﷺ أنه قال إذا دعاك أبواك وأنت في الصلاة فأجب أمك ولا تجب أباك وعن النبي ﷺ أنه قال لو كان جريج الراهب فقيها لعلم أن أجابة أمه أفضل من صلاته
قال الفقيه أبو الليث رضي الله عنه لأن في ذلك الوقت كان الكلام الذي يحتاج إليه مباحا في الصلاة وكذلك في أول شريعتنا ثم نسخ الكلام في الصلاة فلا يجوز أن يجيبها إلا إذا علم أنه وقع لها أمر مهم فيجوز له أن يقطع ثم يستقبل
ثم قال تعالى " وقل رب إرحمهما " أي عند معالجتك في الكبر إياهما ويقال رب إجعل رحمتهما في قلبي حتى أربيهما في كبرهما " كما ربياني صغيرا " أي كما عالجاني في صغري ويقال معناه أدع لهما بالرحمة بعد موتهما أي كن بارا بهما في حياتهما وادع لهما بعد موتهما
سورة الإسراء ٢٥ - ٢٧


الصفحة التالية
Icon