٣١١
ويتم خلقه وقال القتبي أشد الرجل غير أشد اليتيم وإن كان لفظهما واحدا لأن قوله تعالى " حتى إذا بلغ أشده " [ الأحقاق : ٢٥ ] إنما هو الإكتهال وذلك ثلاثون سنة وأشد الغلام أن يشتد خلقه وذلك ثمان عشرة سنة وقال مقاتل هذه الآية منسوخة بقوله " وإن تخالطوهم فإخوانكم " [ البقرة : ٢٢٠ ]
ثم قال " وأوفوا بالعهد " يعني العهد الذي بينكم وبين الله تعالى والعهد الذي بينكم وبين الناس " إن العهد كان مسؤولا " يعني إن ناقض العهد يسأل عنه يوم القيامة
ثم قال عز وجل " وأوفوا الكيل إذا كلتم " لغيركم " وزنوا بالقسطاس المستقيم " أي بالميزان العدل بلغة الروم قرأ حمزة والكسائي " بالقسطاس " بكسر القاف والباقون بالضم وهما لغتان يعني الميزان ويقال هو القبان " ذلك خير " أي الوفاء بجميع ما أمركم الله به ونهاكم عنه خير من البخس والنقصان " وأحسن تأويلا " أي عاقبة ومرجعا في الآخرة
وقال " ولا تقف ما ليس لك به علم " يقول لا تقل ما لم تعلم فتقول علمت ولم تعلم ورأيت ولم تر وسمعت ولم تسمع أي كأنك تقفو الأمور يقال قفوت أثره والقائف الذي يعرف الآثار ويتبعها
ثم حذرهم فقال " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " أي يسأل العبد عن أعضائه يوم القيامة فيشهدن عليه ويقال معناه صاحب السمع والبصر والفؤاد يسأل يوم القيامة عن السمع والبصر والفؤاد ويقال معنى قوله " ولا تقف ما ليس لك به علم " أي لا تقل ما لم تعلم ولا تسمع اللغو ولا تنظر إلى الحرام ولا تحكم على الظن " كل أولئك كان عنه مسؤولا " يعني عن الكلام باللسان والتسمع بالسمع والتبصر بالبصر على وجه الإضمار وهو من جوامع الكلم
ثم قال " ولا تمش في الأرض مرحا " يعني بالتكبر والفخر " إنك لن تخرق " يعني لن تدخل " الأرض " ولن تجاوزها " ولن تبلغ الجبال طولا " يريد أنه ليس للعاجز أن يمدح نفسه ويستكبر " كل ذلك " أي كل ما أمرتك به ونهيتك عنه " كان سيئه عند ربك " أي ترك ذلك سيئة ومعصية عند الله " مكروها " أي منكرا قرأ إبن كثير وأبو عمرو ونافع " سيئة " بنصب الهاء مع التنوين يعني خطيئة ومعناه ما ذكر في هذه الآية تركه كان معصية وسيئة وقرأ الباقون " سيئه " بضم الهاء على معنى الإضافة قال أبو عبيدة وبهذه القراءة نقرأ وحجته قراءة أبي كان يقرأ سيئاته على معنى الإضافة
سورة الإسراء ٣٩ - ٤١


الصفحة التالية
Icon