٣٤٦
وقد بين ثواب من أحسن عملا في موضع آخر وهو قوله " منهم مغفرة وأجرا عظيما " وقوله " أساور " جمع أسورة واحدها سوار والأسورة جمع الجمع " متكئين فيها على الأرائك " أي على السرر في الحجال ولا يكون أريكة إلا إذا اجتمعا على السرير والحجلة " نعم الثواب " الجنة " وحسنت مرتفقا " أي منزلا في الجنة قرناؤهم الأنبياء والصالحون
سورة الكهف ٣٢ - ٣٤
ثم قال تعالى " واضرب لهم مثلا رجلين " أي صف لأهل مكة صفة رجلين أخوين من بني مخزوم أحدهما مؤمن واسمه أبو سلمة بن عبد الأسد والآخر كافر ويقال له أسود بن عبد الأسود وهما من هذه الأمة وآخرين أيضا من بني إسرائيل مؤمن وكافر فالمؤمن إسمه تمليخا ويقال يهوذا والكافر إسمه أبو قطروس هكذا روي عن إبن عباس ويقال هذا المثل لجميع من آمن بالله وجميع من كفر به وروي عن إبن مسعود أنه قال كانا مشركين من بني إسرائيل أحدهما مؤمن والآخر كافر فاقتسما فأصاب كل واحد منهما أربعين ألف درهم وروي عن إبن عباس أنه قال كانا أخوين ورث كل واحد منهما من أبيه أربعة آلاف دينار فالكافر أنفق ماله في زينة الدنيا نحو شراء المنازل والخدم والحيوان وأنفق المؤمن ماله في طاعة الله تعالى وتصدق على الفقراء والمساكين وذلك قوله تعالى " جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب " أي بساتين قال السدي كان بستانا واحدا عليه جدار واحد وكان في وسطه نهر فلذلك قال " جنتين " لمكان النهر الذي بينهما وسماه جنة للمكان الدائر الذي عليه " وحففناهما بنخل " يعني الجنتين ثم قال " وجعلنا بينهما زرعا " أي مزرعا يقال كان حول البستان نخيل وأشجار وداخل الأشجار كروم وداخل الكروم موضع الزرع والرطاب ونحو ذلك " كلتا الجنتين آتت أكلها " أي أعطت وأخرجت حملها وثمارها " ولم تظلم منه شيئا " أي لم تنقص من ثمر الجنتين شيئا
وقال الزجاج " كلتا الجنتين آتت أكلها " لأن لفظ كلتا واحد والمعنى أن كل واحدة منهما " آتت أكلها " يعني أعطت وأخرجت حملها وثمرتها " ولم تظلم منه شيئا " يعني لم ينقص من ثمر الجنتين شيئا ولو قال أتت لكان جائزا " وفجرنا خلالهما " أي أجرينا وسطها " نهرا " والنهر بنصب الهاء والجزم بمعنى واحد في اللغة إلا أن قراءة النصب أصح
وقال " وكان له ثمر " قرأ أبو عمرو " ثمر " بضم الثاء وجزم الميم وقرأ الباقون غير عاصم بضم الثاء والميم ومعناهما واحد وقرأ عاصم بنصب الثاء والميم فمن قرأ بالنصب فهو ما يخرج من الشجر ومن قرأ بالضم فهو المال يقال قد أثمر فلان مالا ويقال الثمر