٣٧١
قوله تعالى " واذكر في الكتاب مريم " يعني أذكر في القرآن خبر مريم ومعناه إقرأ عليهم ما أنزل عليك في القرآن من خبر مريم " إذ إنتبذت " يعني إعتزلت وتنحت " من أهلها مكانا شرقيا " يعني مشرقة الشمس في دار أهلها " فاتخذت من دونهم حجابا " يعني ضربت وأرخت من دونهم سترا " فأرسلنا إليها روحنا " يعني بعثنا إليها جبريل عليه السلام " فتمثل لها بشرا سويا " يعني تشبه لها في صورة شاب تام الخلقة فدنا منها فأنكرت مريم مكان الرجل و " قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا " يعني إن كنت مطيعا لله عز وجل وإنما قالت " إن كنت تقيا " لأن التقي إذا وعظ بالله عز وجل إتعظ وخاف والفاسق يخوف بالسلطان والمنافق يخوف بالناس فالتقي يخوف بالله ويقال في الآية مضمر ومعناه إحذر إن كنت تقيا " قال " لها جبريل عليه السلام " إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا " يعني ولدا صالحا قرأ أبو عمرو ونافع في إحدى الروايتين " ليهب لك " بالياء وقرأ الباقون " لأهب لك " بالألف فمن قرأ " ليهب " فمعناه ليهب الله تعالى لك ومن قرأ " لأهب لك " يكون فيه مضمر ومعناه إنما أنا رسول ربك فقال " لأهب لك غلاما زكيا " يعني قال ربك وهذا إختيار أبي عبيدة وهو موافق لخط المصاحف
" قالت " مريم لجبريل عليه السلام " أنى يكون لي غلام " يعني من أين يكون لي ولد " ولم يمسسني بشر " يعني لم يقربني زوج " ولم أك بغيا " يعني لم أك فاجرة " قال " لها جبريل عليه السلام " كذلك " يعني هكذا كما قلت " قال ربك هو علي هين " يعني خلقه علي يسير " ولنجعله آية للناس " يعني عبرة للناس يعني لبني إسرائيل " ورحمة منا " يعني ونعمة منا " وكان أمرا مقضيا " يعني قضاء كائنا
سورة مريم ٢٢ - ٢٦
ثم قال عز وجل " فحملته " يعني حملت مريم بعيسى عليه السلام وقال وهب بن منبه إن مريم حملت بعيسى عليه السلام تسعة أشهر وقال بعضهم ثمانية أشهر فتلك آية لأنه لا يعيش مولود في ثمانية أشهر وروي في بعض الروايات عن إبن عباس أنه قال ما هي إلا أن حملت ثم وضعت وقال مقاتل حملت في ساعة ووضعت في ساعة " فانتبذت به


الصفحة التالية
Icon