٣٧٢
مكانا قصيا ) يعني إنفردت بولادتها مكانا بعيدا قال القتبي القصي أشد بعدا من القاصي
ثم قال " فأجاءها المخاض " يعني جاء بها وألجأها المخاض يعني الطلق بولادة عيسى عليه السلام " إلى جذع النخلة " أي أصل النخلة قال إبن عباس النخلة اليابسة في شدة الشتا يعني الطلق " قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " يعني شيئا متروكا لم أذكر ويقال للشيء الحقير الذي إذا ألقي ينسى نسي وقال قتادة يعني لا أعرف ولا أدري من أنا وقال عكرمة يعني جيفة ملقاة وهكذا قال الضحاك وقال ربيعة بن أنس يعني سقطا قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص " نسيا " بنصب النون والباقون " نسيا " بكسر النون قال أبو عبيد وبالكسر نقرؤها لأنها كانت أكثر في لغة العرب وأفشاها وعليها أهل الحرمين والبصرة
ثم قال عز وجل " فناداها من تحتها " قرأ حمزة والكسائي ونافع وعاصم في رواية حفص " من تحتها " بكسر الميم يعني الملك وهكذا قرأ مجاهد والحسن وقرأ الباقون " من تحتها " بالنصب يعني به عيسى عليه السلام وقال أبو عبيد بالأولى نقرأ يعني بالكسر لأن قراءتها أكثر والمعنى فيها أعم لأنه إذا قال " من تحتها " بالكسر فقد أحتمل أن يكون الملك ويكون عيسى وإذا قرأ " من تحتها " فإنما هو عيسى خاصة " ألا تحزني " بولادة عيسى ومكان الحدث " قد جعل ربك تحتك سريا " يعني نهرا صغيرا بحبال ويقال " قد جعل ربك تحتك سريا " أي بيتا فذكر هذا القول عند إبن حميد فأنكره وقال هو الجدول ألا ترى أنه قال " فكلي واشربي " قال مجاهد السري بالسريانية وقال سعيد بن جبير بالنبطية
ثم قال عز وجل " وهزي إليك بجذع النخلة " يقول حركي أصل النخلة " تساقط عليك رطبا جنيا " يعني غضا طريا قرأ حمزة " تساقط " بنصب التاء وتخفيف السين وأصله تتساقط إلا أنه حذفت منه إحدى التاءين للتخفيف وهذا كقوله " لو تسوى بهم الأرض " [ النساء : ٤٢ ] وأصله تتسوى وكقوله " تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان " [ البقرة : ٨٥ ] وكقوله " ويوم تشقق السماء بالغمام " [ الفرقان : ٢٥ ] وقرأ عاصم في رواية حفص " تساقط " بضم التاء وتخفيف السين وكسر القاف يعني أن النخلة تساقط عليك وقرأ الباقون بنصب التاء وتشديد السين ونصب القاف لأن التشديد أقيم مقام التاء التي حذفت وروي عن البراء بن عازب أنه كان يقرأ " يساقط " بالياء يعني أن الجذع يساقط عليك وقرأ بعضهم " نساقط " بالنون ومعناه ونحن نساقط عليك وروي أنها كانت نخلة بلا رأس وكان ذلك في الشتاء فجعل الله عز وجل لها رأسا وأنبت فيها رطبا فذلك قوله عز وجل " تساقط عليك رطبا " أي غضا طريا
قيل لها " فكلي " من الرطب " واشربي " من النهر " وقري عينا " يعني طيبي نفسا بولادة عيسى
عليه السلام وقال الربيع بن خيثم ما للنفساء عندي دواء إلا الرطب ولا للمريض إلا العسل


الصفحة التالية
Icon