٤٧٧
قوله عز وجل " وأنزلنا من السماء ماء بقدر " يعني بوزن ويقال " بقدر " ما يكفيهم لمعايشهم ويقال " بقدر " يعني كل سنة تمطر بقدر السنة الأولى كما روي عن إبن مسعود أنه قال ليست سنة بأمطر من سنة ولكن الله عز وجل يصرفه حيث يشاء ويقال " وأنزلنا من السماء ماء " أي أربعة أنهار تخرج من الجنة دجلة والفرات وسيحان وجيحان " فأسكناه في الأرض " يعني فأدخلناه في الأرض ويقال جعلناه ثابتا فيها من الغدران والعيون والركايا " وإنا على ذهاب به لقادرون " يعني يغور في الأرض فلا يقدر عليه كقوله عز وجل " إن أصبح ماؤكم غورا " [ الملك : ٣٠ ] " فأنشأنا لكم به جنات " يعني وأخرجنا بالماء جنات يعني الخضرة ويقال جعلنا لكم بالماء البساتين " من نخيل وأعناب " يعني الكروم " لكم فيها فواكه كثيرة " يعني ألوان الفواكه سوى النخيل والأعناب " ومنها تأكلون "
ثم قال عز وجل " وشجرة " يعني وأنبتنا شجرة ويقال خلقنا شجرة " تخرج من طور سيناء " قال قتادة طور سيناء جبل حسن وقال الكلبي جبل ذو شجرة وقال مجاهد الطور جبل والسيناء حجارة وقال القتبي الطور جبل والسيناء إسم وقال مقاتل خلقنا في الجبل الحسن الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام وقرأ إبن كثير وأبو عمر ونافع " طور سيناء " بكسر السين وقرأ الباقون بالنصب ومعناهما واحد
ثم قال " تنبت بالدهن " يعني تخرج بالدهن قرأ إبن كثير وأبو عمرو " تنبت " بضم التاء وكسر الباء يعني تخرج الدهن وقرأ الباقون " تنبت " بنصب التاء وضم الباء وهو إختيار أبي عبيد أي تنبت معه الدهن كما يقال جاءني فلان بالسيف أي معه السيف " وصبغ للآكلين " يعني الزيت يصطبغ به وجعل الله عز وجل في هذه الشجرة إداما ودهنا وهي صبغ للآكلين
سورة المؤمنون ٢١ - ٢٢
ثم قال عز وجل " وإن لكم في الأنعام لعبرة " يعني في الإبل والبقر والغنم معتبر لمن يعتبر فيها يقال العبر بأوقار والمعتبر بمثقال " نسقيكم مما في بطونها " يعني من ألبانها وهي تخرج من بين فرث ودم قرأ نافع وإبن عامر وعاصم في رواية أبي بكر " نسقيكم " بنصب النون وقرأ الباقون بالضم وهذا مثل ما في سورة النحل
ثم قال " ولكم فيها منافع كثيرة " يعني في ظهورها وأصوافها وألبانها وأشعارها " ومنها تأكلون " يعني من لبنها ولحومها وأولادها " وعليها وعلى الفلك تحملون " يعني على الأنعام في المفازة وعلى السفينة في البحر تسافرون


الصفحة التالية
Icon