٥١٣
" كأنها كوكب دري " قرأ نافع وإبن كثير وعاصم في رواية حفص " كوكب دري " بضم الدال غير مهموز وقرأ أبو عمرو والكسائي بكسر الدال وبهمز الياء وقرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر بالضم والهمز فمن قرأ بضم الدال فهو منسوب إلى الدر يعني يشبه في ضوئه الدر وممن قرأ بكسر الدال يعني الذي يدرأ عن نفسه يعني لا يكاد يقدر النظر إليه من شدة ضوئه
ثم قال تعالى " يوقد من شجرة مباركة " يعني السراج يوقد بدهن من شجرة مباركة " زيتونة " قرأ أبو عمرو وإبن كثير " توقد " بنصب التاء والواو والقاف بلفظ التأنيث وأصله تتوقد فحذف إحدى التاءين وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي بضم التاء والتخفيف بلفظ التأنيث على فعل ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون " يوقد " بالياء والضم بلفظ التذكير والتفسير على معنى فعل ما لم يسم فاعله فمن قرأ بالتأنيث إنصرف إلى الزجاجة ومن قرأ بالتذكير إنصرف إلى المصباح والسراج
ثم وصف الشجرة المباركة فقال " زيتونة لا شرقية ولا غربية " يعني لم تكن بحال يصيبها الشمس في أول النهار ولا يصيبها في آخر النهار ولكنها في مكان مطمئن تصيبها الشمس في أول النهار وآخره فكذلك هذا المؤمن تكون كلمة الإخلاص في قلبه ثابتة مثل ثبوت الشجرة فلا يكون مشبها ولا معطلا ولا قدريا ولا جبريا ولكنه على الإستقامة ويقال " لا شرقية ولا غربية " يعني تكون في وسط الأشجار حتى لا تحرقها الشمس فكذلك هذا المؤمن بين أصحاب صلحاء يثبتونه على الإستقامة وروي عن الحسن أنه قال ليس هذه من أشجار الدنيا لكن من أشجار الآخرة يعني أن أشجار الدنيا لا تخلو من أن تكون شرقية أو غربية ولكن هذه من أشجار الآخرة فكذلك هذا المؤمن من أصاب المعرفة بتوفيق الله عز وجل
وقال " يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار " يعني أن الزيت في الزجاجة يكاد أن يضيء ولو لم يكن موقدا فكذلك المؤمن يعرف الله تعالى ويخافه ويطيعه وإن لم يكن له أحد يذكره ويأمره وينهاه
ثم قال " نور على نور " يعني الزجاجة نور والسراج نور والزيت نور فكذلك المؤمن إعتقاده نور وقوله نور وفعله نور وقال أبو العالية فهو يتقلب في خمسة من الأنوار فكلامه نور وعمله نور ومخرجه نور ومدخله نور ومصيره إلى النور يوم القيامة
" يهدي الله لنوره من يشاء " يعني يوفق ويعطي من يشاء يعني الهدى وللآية وجه آخر " الله نور السموات والأرض " يعني الله مرسل الرسل إلى أهل السموات وأهل الأرض " مثل نوره " يعني مثل نور محمد ﷺ فسماه نورا كقوله " قد جاءكم من الله نور " [ المائدة : ١٥ ] ثم قال " مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " يعني مثل نور محمد ﷺ في صلب


الصفحة التالية
Icon