٥١٤
أبيه كالقنديل يضيء البيت المظلم فكما أن البيت يكون مضيئا بالقنديل فإذا أخذ منه القنديل يبقى البيت مظلما فكذلك محمد ﷺ كان كالقنديل في صلب أبيه فلما خرج بقي صلب أبيه مظلما " يوقد من شجرة مباركة " يعني نور محمد ﷺ من نور إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام " زيتونة لا شرقية ولا غربية " يعني لم يكن إبراهيم عليه السلام يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ويقال " لا شرقية ولا غربية " يعني محمدا ﷺ كان من العرب " يكاد زيتها يضيء وإن لم تمسسه نار " يعني يضيء بطاعته وإن لم يكن نبيا " نور على نور " يعني محمدا ﷺ كان عمله نورا وقوله نورا " يهدي الله لنوره من يشاء " يعني يعطي النبوة لمن يشاء ولها وجه آخر " الله نور السموات والأرض " يعني منزل القرآن فنور بالقرآن السموات والأرض " مثل نوره " يعني مثل نور القرآن في قلب المؤمن " كمشكاة فيها مصباح " يعني قلب المؤمن بالقرآن " يوقد من شجرة مباركة " يعني ينزل القرآن من رب كريم ذي بركة " لا شرقية ولا غربية " أي ليس القرآن بلغة السريانية ولا بلغة العبرانية ولكنه عربي مبين " يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار " يعني القرآن يضيء وألفاظه مهذبة وإن لم تفهم معانيه " يهدي الله لنوره من يشاء " يعني يوفق ويكرم بفهم القرآن من يشاء " ويضرب الله الأمثال للناس " يعني الله عز وجل يبين الأشباه للناس لكي يفهموا ويقال المثل كالمرآة يظهر عنده الحق " والله بكل شيء عليم " من ضرب الأمثال
سورة النور ٣٦ - ٣٨
ثم قال عز وجل " في بيوت أذن الله أن ترفع " يعني ما ذكر من القنديل المضيء هو في المساجد ثم وصف المساجد ويقال هذا إبتداء القصة وفيه معنى التقديم يعني أذن الله أن ترفع البيوت وهي المساجد " أذن الله أن ترفع " يعني تبنى وتعظم " ويذكر فيها إسمه " يعني توحيده ويقال بالأذان والإقامة " يسبح له " فيها يعني يصلي لله في المساجد " بالغدو والآصال " يعني عند الغداة والعشي قرأ إبن عامر وعاصم في رواية أبي بكر " يسبح " بنصب الباء على معنى فعل ما لم يسم فاعله
ثم قال عز وجل " رجال لا تلهيهم تجارة " يعني هم رجال وقرأ الباقون " يسبح " بكسر الباء ويكون الفعل للرجال يعني يسبح فيها " رجال لا تلهيهم " يعني لا يشغلهم البيع والشراء عن ذكر الله يعني عن طاعة الله وعن مواقيت الصلاة " ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة " يعني عن إتمام الصلاة
قال بعضهم نزلت الآية في أصحاب الصفة وأمثالهم الذين تركوا التجارة ولزموا


الصفحة التالية
Icon