٥٨٩
ثم قال عز وجل " أمن خلق السموات والأرض " يعني الله الذي خلق السموات والأرض " وأنزل لكم من السماء ماء " يعني المطر " فأنبتنا به " يعني بالمطر " حدائق ذات بهجة " يعني البساتين واحدها حديقة وإنما سميت حديقة لأنها محاطة بالحيطان وقال بعضهم إذا كانت ذا شجر يقال لها حديقة سواء كان لها حائط أو لا " ذات بهجة " يعني ذات حسن " ما كان لكم أن تنبتوا شجرها " يعني ما كان لمعبودكم قوة ويقال ما كان ينبغي لكم أن تنبتوا شجرها ويقال ما قدرتم عليه وقرأ أبو عمرو وإبن عامر " أما يشركون " بالياء على معنى الخبر وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " إلا إمرأته قدرناها " بتخفيف الدال وقرأ الباقون بالتشديد ثم قال " أإله مع الله " يعينه على صنعه اللفظ لفظ الإستفهام والمراد به الإنكار والزجر " بل هم قوم يعدلون " يعني يشركون الأصنام
ثم قال عز وجل " أمن جعل الأرض قرارا " يعني مستقرا لا تميد بأهلها ويقال " قرارا " أي لا تتحرك " وجعل خلالها أنهارا " و " جعل " يعني خلقا لها يعني فجر بنواحي الأرض أنهارا ويقال شق بينهما أنهارا " وجعل لها " أي خلق للأرض " رواسي " أي الجبال الثوابت " وجعل بين البحرين حاجزا " يعني العذب والمالح حاجزا يعني سترا مانعا من قدرته لا يختلطان بعضهما في بعض " أإله مع الله " يعينه على صنعه " بل أكثرهم لا يعلمون " توحيد الله عز وجل
ثم قال " أمن يجيب المضطر " يعني أمن يستجيب في البلاء للمضطر " إذا دعاه " " ويكشف السوء " يعني ومن يكشف الضر " ويجعلكم خلفاء الأرض " يعني سكان الأرض بعد هلاك أهلها " أإله مع الله قليلا ما تذكرون " قرأ أبو عمرو وإبن عامر في إحدى الروايتين " يذكرون " بالياء على معنى الخبر عنهم وقرأ الباقون " تذكرون " بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ حمزة والكسائي بتخفيف الذال وقرأ الباقون بالتشديد وقرأ أبو عمرو ونافع في رواية قالون " أإله مع الله " بالهمز والمد وقرأ الباقون بغير مد بهمزتين
ثم قال عز وجل " أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر " يعني من يرشدكم في أهوال البر والبحر " ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته " يعني قدام المطر " أإله مع الله تعالى