٨١
قوله تعالى " وجاء المعذرون من الأعراب " قرأ إبن عباس " المعذرون " بالتخفيف وهكذا قرأ الحضرمي وقراءة العامة " المعذرون " بالتشديد فمن قرأ بالتخفيف يعني الذين أعذروا وجاؤوا بالعذر ومن قرأ بالتشديد يعني المعتذرين الذين إلا أن التاء أدغمت في الذال لقرب المخرجين ويعني المعذرين الذين يعتذرون كان لهم عذر أو لم يكن لهم وهذا قول الزجاج
وروي عن إبن عباس رضي الله عنه أنه قال " وجاء المعذرون " بالتخفيف وهم المخلصون أصحاب العذر وقال لعن الله المعذرين بالتشديد لأن المعذرين هم الذين يعتلون بلا علة ويعتذرون بلا عذر " ليؤذن لهم " في التخلف " وقعد الذين كذبوا الله ورسوله " فمن قرأ بالتشديد يكون هذا نعتا لهم ومن قرأ بالتخفيف يكون صنفين ويكون معناه وجاء الذين لهم العذر وسألوا العذر وقعد الذين لا عذر لهم وهم الذين كذبوا الله ورسوله في السر ثم بين أمر الفريقين فقال " سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم " وهم الذين تخلفوا بغير عذر
وبين حال الذين قعدوا بالعذر فقال تعالى " ليس على الضعفاء " يعني على الزمن والشيخ الكبير " ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون " في الجهاد " حرج " يعني لا إثم عليهم " إذا نصحوا لله ورسوله " يعني إذا كانوا مخلصين مسلمين في السر والعلانية " ما على المحسنين من سبيل " يعني ليس على الموحدين المطيعين من حرج إذا تخلفوا بالعذر " والله غفور " لهم بتخلفهم " رحيم " بهم
قوله تعالى " ولا على الذين " يعني ولا حرج على الذين " إذا ما أتوك لتحملهم " على الجهاد روى أسباط عن السدي أنه قال أقبل رجلان من الأنصار أحدهما عبد الله بن الأزرق والآخر أبو ليلى فسألاه أن يحملهما " قلت لا أجد ما أحملكم عليه " فبكيا حزنا ألا يجدوا ما ينفقون وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال أتاه سبعة نفر من أصحابه سالم بن عمير وحزن بن عمرو وعبد الرحمن بن كعب يكنى أبا ليلى وسليمان بن صخر وعتبة بن زيد وعمرو بن عتبة وعبد الله بن عمرو المزني يستحملونه فقال رسول الله ﷺ " لا أجد ما أحملكم عليه " " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع " يعني تسيل " من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون " في الخروج إلى الجهاد