١٥٦
" خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق " يعني اقض بيننا بالعدل
ثم خاصم أحدهما الآخر فقال " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة " إلى آخره
فعلم داود عليه السلام أنه مراد بذلك فخر راكعا وأناب
قال الحسن سجد أربعين ليلة لا يرفع رأسه إلا للصلاة المكتوبة قال ولم يذق طعاما ولا شرابا حتى أوحى الله عز وجل إليه أن ارفع رأسك فإني قد غفرت لك وهكذا ذكر في رواية الكلبي عن ابن عباس أنه سجد أربعين يوما حتى سقط جلد وجهه ونبت العشب من دموعه قال يا رب كيف ترحمني وأنا أعلم أنك منتقم مني بخطيئتي وذكر أن جبريل عليه السلام قال له اذهب إلى أوريا فاستحل منه فإنك تسمع صوته في يوم كذا
فأتاه ذات ليلة فناداه فأجابه فاستحل منه فقال أنت في حل
فلما رجع قال له جبريل هل أخبرته بجرمك
قال لا
قال فإنك لم تفعل شيئا
قال فارجع فأخبره بالذي صنعت
فرجع داود فأخبره بذلك فقال أنا خصمك يوم القيامة
فرجع مغتما وبكى أربعين يوما فأتاه جبريل عليه السلام فقال إن الله تعالى يقول إني أستوهبك من عبدي فيهبك لي وأجزيه على ذلك أفضل الجزاء فسري عنه ذلك وكان محزونا في عمره باكيا على خطيئته
وروي في خبر آخر أن داود سمع بني إسرائيل كانوا يقولون في دعائهم يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود فيستجاب لهم
فقال لهم داود عليه السلام اذكروني فيهم فقولوا يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود فقالوا الله أمرك بهذا قال لا
فقالوا لا نزيد فيهم مالم يأمرك الله تعالى بذلك
فسأل داود ربه أن يجعله فيهم فأوحى الله تعالى إليه وذكر له ما لقي إبراهيم من الشدائد وما لقي إسحاق ويعقوب عليهم السلام
فسأل داود ربه أن يبتليه ببلية لكي يبلغ منزلتهم فابتلي بذلك حتى بلغ مبلغهم
وقال بعضهم هذه القصة لا تصح لأنه لا يظن بالنبي أنه يفعل مثل ذلك ولكن كانت خطيئته أنه لما اختصما إليه فقال للمدعي لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه فنسبه إلى الظلم بقول المدعي وكان ذلك منه زلة فاستغفر ربه عن زلته فذلك قوله " إذ دخلوا على داود " وقال بعضهم كانوا اثنين فذكر بلفظ الجماعة فقال " إذ دخلوا على داود " وقال بعضهم كانوا جماعة ولكنهم كانوا فريقين فقال " إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض " يعني استطال وظلم بعضنا بعضا " فاحكم بيننا بالحق " يعني اقض بيننا بالعدل " ولا تشطط " أي ولا تجر في الحكم والقضاء
ويقال أشططت إذا جرت " واهدنا إلى سواء الصراط " يعني أرشدنا إلى أعدل الطريق
قوله عز وجل " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها " يعني أعطني هذه النعجة وهذا قول الكلبي ومقاتل
وقال القتبي "
أكفلنيها " يعني ضمها إلي واجعلن كافلها " وعزني في الخطاب " يعني غلبني في الكلام " قال " داود " لقد ظلمك


الصفحة التالية
Icon