١٥٨
قوله عز وجل " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض " يعني أكرمناك بالنبوة وجعلناك خليفة والخليفة الذي يقوم مقام الذي قبله فقام مقام الخلفاء الذين قبله وكان قبله النبوة في سبط والملك في سبط آخر فأعطاهما الله تعالى لداود
" فاحكم بين الناس بالحق " يعني بالعدل " ولا تتبع الهوى " أي لا تمل إلى هوى نفسك فتقضي بغير عدل
ويقال لا تعمل بالجور في القضاء " ولا تتبع الهوى " كما اتبعت في بتشايع وهي امرأة أوريا " فيضلك عن سبيل الله " يعني عن طاعة الله تعالى
ويقال يعني الهوى يستزلك عن دين الله " إن الذين يضلون عن سبيل الله " يعني عن دين الله الإسلام " لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " يعني بما تركوا من العمل ليوم القيامة فلم يخافوه
ويقال بما تركوا الإيمان بيوم القيامة
سورة ص ٢٧ - ٢٩
قوله عز وجل " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما " من الخلق " باطلا " يعني عبثا لغير شيء بل خلقناهما لأمر هو كائن " ذلك ظن الذين كفروا " يعني يظنون أنهما خلقتا لغير شيء وأنكروا البعث " فويل للذين كفروا من النار " يعني جحدوا من النار يعني من عذاب النار
ثم قال " أم نجعل الذي آمنوا وعملوا الصالحات " وذلك أن كفار مكة قالوا إنا نعطى في الآخرة من الخير أكثر مما تعطون فنزل " أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات " في الثواب " كالمفسدين في الأرض " يعني كالمشركين
وقال في رواية الكلبي نزلت في مبارزي يوم بدر " أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات " عليا وحمزة وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم " كالمفسدين في الأرض " يعني عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد
ويقال نزلت في جميع المسلمين وجميع الكافرين يعني لا نجعل جزاء المؤمنين كجزاء الكافرين في الدنيا والآخرة كما قال في آية أخرى " أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواء " [ الجاثية ٢١ ]
ثم قال عز وجل " أم نجعل المتقين كالفجار " يعني كالكفار في الثواب اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الوعيد
ثم قال عز وجل " كتاب أنزلناه إليك مبارك " يعني أنزلنا جبريل عليه السلام به إليك " مبارك " يعني كتاب مبارك فيه مغفرة للذنوب لمن آمن به وصدقه وعمل بما فيه " ليدبروا آياته " لكي يتفكروا آياته
قرأ عاصم في إحدى الروايتين " لتدبروا " بالتاء مع النصب وتخفيف الدال وهو بمعنى لتتدبروا
فحذفت إحدى التاءين وتركت الأخرى خفيفة وقراءة


الصفحة التالية
Icon