١٦
سورة الروم ٥٠ - ٥١
ثم قال عز وجل " ومن آياته " يعني ومن علامات وحدانيته أن يعرفوا توحيده بصنعه " أن يرسل الرياح مبشرات " يعني بشارات بالمطر
يعني يستبشر بها الناس فإذا كان الاستبشار به نسب الفعل إليه ثم قال " وليذيقكم من رحمته " يعني ليصيبكم من نعمته وهو المطر " ولتجري الفلك بأمره " يعني السفن تجري في البحر بالرياح بأمره " ولتبتغوا من فضله " يعني لتطلبوا في البحر من رزقه كل هذا بالرياح بأمره " ولعلكم تشكرون " رب هذه النعمة فتوحدوه
قوله عز وجل " ولقد أرسلنا من قبلك " يا محمد " رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات " بالأمر والنهي فكذبوهم كما كذبك قومك " فانتقمنا " بالعذاب " من الذين أجرموا " يعني كفروا " وكان حقا علينا " يعني واجبا علينا " نصر المؤمنين " بالنجاة مع رسولهم
وإنما هو وجوب الكرم لا وجوب اللزوم
ثم أخبر عن صنعة ليعتبروا فقال الله عز وجل " الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا " يعني تدفعه وتهيجه يقال ثار الغبار إذا ارتفع " فيبسطه في السماء كيف يشاء " يعني كيف يشاء الله عز وجل إن شاء بسطه مسيرة يوم أو أكثر " ويجعله كسفا " يعني قطعا " فترى الودق " يعني المطر " يخرج من خلاله " من وسط السحاب " فإذا أصاب به " يعني بالمطر " من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون " يعني يفرحون بنزول المطر عليهم
قرأ ابن عامر " كسفا " بالجزم
وقرأ الباقون " كسفا " بالنصب
ثم قال عز وجل " وإن كانوا من قبل أن بنزل عليهم من قبله " أي من قبل نزول المطر عليهم
" لمبلسين " يعني آيسين من المطر
وقال الأخفش تكرير قبل للتأكيد
وقال قطرب الأول للتنزيل والثاني للمطر
ثم قال " فانظر إلى آثار رحمة الله " يعني النبات من أثر المطر ألوان النبات منه الأخضر والأحمر والأصفر قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص وابن عامر " إلى آثار رحمة الله " بلفظ الجماعة
قرأ الباقون بلفظ الوحدان " إلى أثر " لأن الوحدان ينبئ عن الجمع
ثم قال " كيف يحيي الأرض بعد موتها " حين لم يكن فيها نبات " إن ذلك " يعني هذا الذي فعل " لمحيي الموتى " في الآخرة " وهو على كل شيء قدير "
ثم قال عز وجل " ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا " يعني الزرع متغيرا بعد خضرته " لظلوا من بعده يكفرون " يعني لصاروا وأصله العمل بالنهار
ويستعمل في موضع صار كقوله أصبح وأمسى يوضع موضع صار " من بعده يكفرون " يعني من بعد اصفراره يكفرون النعم
يقول لو فعلت ذلك لفعلوا هكذا
ويقال قوله " فرأوه " إشارة إلى النبات لأن الريح