١٦١
جسدا ) يعني ابنه الميت
قال والدليل على ذلك أن الجسد في اللغة هو الميت الذي لا يأكل الطعام والشراب كالميت ونحوه
وذكر أن سليمان جزع على ابنه إذ لم يكن له ابن إلا إياه فدخل عليه ملكان فقال أحدهما إن هذا مشى في زرعي فأفسده فقال له سليمان لم مشيت في زرعه فقال لأن هذا الرجل زرع في طريق الناس ولم أجد مسلكا غير ذلك
فقال سليمان للآخر لم زرعت في طريق الناس أما علمت أن الناس لا بد لهم من طريق يمشون فيه فقال لسليمان صدقت
لم ولدت على طريق الموت أما علمت أن ممر الخلق على الموت ثم غابا عنه
فاستغفر سليمان فذلك قوله " ثم أناب " يعني تاب ورجع إلى طاعة الله عز وجل
سورة ص ٣٥ - ٤٠
قوله عز وجل " قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي " قال سعيد بن جبير أعطني ملكا لا تسلبه كما سلبت المرة الأولى
ويقال إنما تمنى ملكا لا يكون لأحد من بعده حتى يكون ذلك معجزة له وعلامة لنبوته
" إنك أنت الوهاب " يعني المعطي الملك
قوله عز وجل " فسخرنا له الريح تجري بأمره " وكان من قبل ذلك لم تسخر له الريح والشياطين فلما دعا بذلك سخرت له الريح والشياطين
فقال " فسخرنا له الريح تجري بأمره " يعني بأمر سليمان
ويقال بأمر الله تعالى " رخاء " يعني لينة مطيعة " حيث أصاب " يعني حيث أراد من الأرض والنواحي " أصاب " يعني أراد
وقال الأصمعي العرب تقول أصاب الصواب فأخطأ الجواب يعني أراد الصواب وأخطأ الجواب
" والشياطين " يعني سخرنا له كل شيء وسخرنا له الشياطين أيضا " كل بناء وغواص " يعني يغوصون في البحر ويستخرجون اللؤلؤ وقال مقاتل وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر " وآخرين مقرنين " يعني مردة الشياطين موثقين " في الأصفاد " يعني في الحديد ويقال " الأصفاد " الأغلال
ثم قال عز وجل " هذا عطاؤنا " يعني هذا عطاؤنا لك وكرامتنا عليك " فامنن " يعني اعتق من شئت منهم فخل سبيله من الشياطين " أو أمسك " يعني احبس في العمل والوثاق والسلاسل من شئت منهم " بغير حساب " أي فلا تبعة عليك في الآخرة فيمن أرسلته وفيمن حبسته
ويقال ليس عليك بذلك إثم " وإن له عندنا لزلفى " يعني لقربى " وحسن مآب " يعني حسن المرجع
سورة ص ٤١